Vous êtes ici : Accueil / Civilisation et société / Monde arabe / عن زلزال المغرب الأعنف .. منذ قرن - Question d'actualité

عن زلزال المغرب الأعنف .. منذ قرن - Question d'actualité

Publié par Fatiha Jelloul le 27/09/2023

Activer le mode zen

شهد المغرب في الثامن من أيلول/سبتمبر الحالي واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية والأعنف منذ قرن، وكشفت الفاجعة التي ضربت إقليم الحوزعن بيئة معزولة تعيش الإقصاء والتهميش وتعاني هشاشة البنيات التحتية مما أسفر عن كارثة بشرية ومادية أتت على السكان والذاكرة الحضارية كانهيار مسجد "تينمل"، مهد الدولة الموحِّدية والمصنف تراثاً عالمياً حيث تعرض إلى دمار شبه كامل، فيم تعرض سور تارودانت"، ثالث أعظم سور في العالم، من حيث الضخامة والارتفاع بعد سور الصين وسور كومبالغار في راجستان بالهند، إلى أضرار جسيمة... ولكن في خضم الفاجعة ومن أنقاض الزلزال، أبان أهالي المناطق المنكوبة عن الكرم المتجذر فيهم بينما هبّ المغاربة لنجدة المتضررين في تضامن شعبي واسع أظهر قيم التضامن والتآخي التي يختزنها المجتمع المغربي.

 1- المغرب غير النافع

زلزال المغرب غير النافع ( هسبريس، 11/9/2023) قوة الزلزال الذي ضرب المغرب هي الأعلى في تاريخنا، لكنها لم تخلف 15000 ضحية الذين قضوا رحمهم الله في زلزال أكادير، لأن طبيعة البناء آنذاك ساعدت على ذلك. كانت المدينة عبارة عن أحياء عشوائية غير لائقة للسكن، لا علاقة لها بأبسط معايير البناء السليم، وقوة الزلزال لم تتجاوز خمسة فاصلة سبعة. وكان هناك جانب إيجابي لهذا الحدث المأساوي، تمثل في وعي المغاربة بخطورة الزلازل، فأخذ الناس يحترمون مقاييس البناء السليم، ولو في أبسط أشكاله.

بعد 63 سنة ينزل علينا زلزال شديد القوة، تجاوز سبع درجات على سلم ريختر، فلم يتضرر البناء الجيد الذي يراعي قوانين السلامة. في كل المنطقة المتضررة لم نسمع بعمارة ولا فيلا ولا سكن من مستوى أرضي بطابق إلى ثلاثة طوابق ينهار من عنف الرجة القوية. وأمامكم مدينة مراكش التي توفي فيها ثلاثة مواطنين يسكنون في بناء قديم أو هم مجاورون لمعمار تراثي غير محصن، مثل الصومعة التي لا تمتلك ولو قضيبا حديديا يمثل فقرة مدعِّمة لها.

لكن في القرى والمداشر رأينا مجزرة بشرية غير مسبوقة، حتى إن تجمعات سكنية بكاملها قضت تحت الأنقاض. والمفجع أن شدة الزلزال جعلت رقعة الحطام متسعة عشرات الكيلومترات في كل اتجاه. وكان من المفروض أن تتأثر جماعة إغيل وحدها وما يحيط بها بعشرين كيلومترا دائرية على الأكثر، كما وقع في إمزورن، فما سر ذلك؟.

سكنتُ بمنطقة آسني 5 سنوات، بين 1973 و1978، وتعرفت على الكثير من المناطق القريبة، مثل مولاي إبراهيم وويركان وإمليل وأمزميز وغيرها، وزرت المنطقة سائحا السنة الماضية، فعجبت لبقاء المشاهد على حالها؛ لا شيء تغير سوى التوسع العمراني العشوائي البسيط، خاصة الطبقات التي أضيفت إلى المنازل القديمة (بنى أخي رحمه الله منزلا في إمليل من أرضي وطابق واحد فوجدت الذي اشتراه منه أضاف له طابقا ثانيا، واندكت إمليل كلها بما فيها هذا المنزل)؛ أما الطرق فبقيت هي نفسها باستثناء الترقيع هنا وهناك.

ما حكيْته يسري على كل المنطقة المتضررة، بناء بالتراب وحده أو بإضافة الأحجار أو الإسمنت والحديد الخفيف، بعيدا عن معايير السلامة. وهذا يعني أنه إذا كانت المدن والقرى الكبرى تطبَّق فيها معايير السلامة في حدودها الدنيا فإن هذه القرى والمداشر متروكة لهواها، أربعة حيطان كيفما اتفق.

سيقول البعض إن الفقر جعل المصالح القروية المختصة تتغاضى عن هذه المعايير، لكن الدعم في الحصول على السكن يجب أن يهم القرويين أيضا كما أهل الحضر، ولو بشكل بسيط، وإلا فإن الفقر أصبح كفرا وتهورا وإجراما.

إن الخط الأفقي المائل بين وجدة وأكادير يَفْرِق بين عالمين متباعدين، شمالُ الخط، عمرانٌ مزدهر مقاوم للزلازل في غالبيته وعمارات شاهقة مثل برج محمد السادس و”توين سانتر” وغيرها، وطرق تتخلل المدن والقرى وتسهل الوصول إلى كل مكان تقريبا؛ أما جنوب هذا الخط فليس هناك سوى ما يشبه الحوز، ولو تعمقنا أكثر في الجنوب، خاصة قرى ومداشر الأطلس الصغير، فإن المأساة تتوسع أكثر.

منطقة الحوز ليست زلزالية، وما وقع أدهش كل علماء الزلازل، لكننا تركنا الحوز وأشباهه بلا حماية ضد أخطار أخرى، أهمها البنيات التحتية الحيوية، تركناه معزولا عن المغرب النافع. في الشمال نقطع المسافات بسرعة 320 كيلومترا في الساعة، وفي الحوز يقضي الناس ساعات مشيا من أجل حفنة ماء. وقد رأينا كوارث الفيضانات وما عرته من نقص في المغرب غير النافع، لكننا أغمضنا عيوننا وأقفلنا أسماعنا لأن الحدث لم يطل أمده، ولم يقتل الآلاف من الضحايا.

نحتاج إلى قراءة المستقبل وأخطاره الممكنة، لا أن ننتظر وقوع المصائب لنتحرك بعد فوات الأوان، وزماننا أصبح فيه المستحيل ممكنا، وبما لا تتخيله الأذهان، كأن تضرب المغرب موجة من الصقيع 20 درجة تحت الصفر، أو أن يُغرق تسونامي ما كل المدن الساحلية أو أن يصيبنا الجفاف سبع سنوات كما في مصر سيدنا يوسف. كل سيناريوهات الأزمات الإنسانية يجب أن نتوقعها ونستعد لها في حدود إمكانياتنا. فهل يعطف المغرب النافعُ على غيرِ النافعِ بعد هذه الكارثة؟

حكاية إقليم الحوز المغربي... فاجعة الزلزال (العربي الجديد، 24/9/2023) تواصل فرق البحث والإنقاذ في إقليم الحوز عمليات الإغاثة والبحث عن مفقودين تحت الأنقاض بعد أكثر من أسبوعين على كارثة الزلزال المدمر، الذي ضرب شمال ووسط المملكة في 8 سبتمبر/أيلول، وذلك بالتزامن مع استمرار عمليات تأمين حاجيات المتضررين وتقديم المساعدات الاجتماعية والطبية للأشخاص الذين فقدوا منازلهم جزئياً أو كلياً، وفتح المزيد من الطرق المتضررة.
وبدأ إقليم الحوز، مركز الزلزال الأعنف في تاريخ المغرب منذ نحو قرن، تسجيل التقدم في التعافي وطي صفحة الكارثة والتطلع إلى المستقبل، وبدأت العديد من القرى المنكوبة استئناف أنشطتها التجارية والاقتصادية تدريجياً، كما تمكن مئات التلاميذ المتضررين من الزلزال من العودة إلى الدراسة بعد أسبوع من تعليقها، بعد نقلهم إلى مدارس داخلية في مدينة مراكش، ونصب مئات الخيام المجهزة بكافة الوسائل التعليمية.
وفي وقت تسابق فيه السلطات المغربية الزمن من أجل حصر وإحصاء الأضرار في المباني المتضررة في مختلف الجماعات والقرى المتأثرة، للبدء بعملية صرف تعويضات للمتضررين والشروع في تفعيل خطة إعادة الإيواء، يلقي اقتراب فصل الشتاء القارس بظلاله على وضع المئات من المتضررين، الذين يجدون صعوبة في التعايش مع واقع إيوائهم في الخيام آملين في تسريع عملية إعادة بناء بيوتهم المهدمة.
يمتد إقليم الحوز على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 6200 كيلومتر مربع، ويضم نحو أربعين قرية ومدينة، من بين أبرزها أيت أورير، ومولاي إبراهيم، وأسني، وأمزميز، وتحناوت، وتمصلوحت، وتمكروت، وتيدلي، فضلاً عن مركز الزلزال قرية إيغيل. في حين يبلغ تعداد سكان الإقليم نحو مليون نسمة، وكان العدد 700 ألف نسمة في آخر تعداد سكاني أجري في المغرب في عام 2014.
يقول الصحافي والناشط في مدينة تحناوت، عاصمة الإقليم، عبد الصمد بوحدو: "لن تعود الحياة إلى طبيعتها، فالجميع ما زالوا تحت تأثير الصدمة. إقليم الحوز بات مختلفاً منذ مساء 8 سبتمبر، فحصيلة الوفيات ثقيلة، وحجم الدمار بالغ. الإقليم يعيش نكبة إنسانية بعد زلزال دمر كل شيء". يضيف لـ"العربي الجديد": "فقد الناس أهلهم وجيرانهم فغابت عنهم البسمة، وحل محلها الحزن. يعيش كثيرون حالة تشرد بعد أن فقدوا بيوتهم، ولا يدرون ما العمل، ويجهلون ماذا سيحلّ بهم".

المغرب المنسيّ (العربي الجديد، 24/9/2023)  لم يكن المغاربة في حاجةٍ إلى كارثة مأساوية فظيعة ومؤلمة، مثل الزلزال الذي خلف آلاف الضحايا والمصابين، لكي يكتشفوا الوجه الآخر للمغرب المنسيّ، مغرب الهوامش والقرى المنسيّة التي ما زال سكّانها يعيشون حياة الكفاف والعفاف والغنى عن الناس. إنه المغرب العميق، المغرب الأصيل، المغرب غير النافع كما كان يسمّيه المستعمر الفرنسي، مغرب اليد العاملة الرخيصة، والصناعات التقليدية المندثرة التي تُزيّن بها بيوت الأغنياء، والمباني الطينية الهشّة التي طالما شكّلت خلفيات للأفلام العالمية لجذب السياح الأجانب إلى بلاد العجائب والغرائب.

الصورة التي طالما احتفظ بها المغرب في الخلفية، واجهة سياحية لإغراء السيّاح الراغبين في السفر عبر الزمن إلى الوراء، إلى العصور التي تذكّر الإنسان باكتشاف النار والكتابة والفلاحة، تهشّمت وتحوّلت إلى ركام، وتمّت تسويتها بالأرض التي صنعت من موادّها عناصرها التي كانت تسحر الزوار وتلفت الأنظار إليها. 11 ثانية هي الزمن الفعلي الذي استغرقته الضربة القوية التي هزّت جبال الأطلس الكبير، وامتد قطر دائرة ارتدادها نحو خمسمائة كلم، أسقطت كل الحُجب التي كانت تُخفي عن الأنظار الوجه الآخر لمغربٍ آخر، مغرب الفقر والفقراء بعيدا عن مغرب المظاهر والكليشيهات التي تزيّن البطاقات البريدية وملصقات الدعاية السياحية.

مصائبُ زلزال المغرب... وفوائده (السفير العربي، 17/9/2023)  كان عليك وأنت تمرُّ بالسيارة على الطرق الرئيسية لجبال الأطلس، أن تدقّق النظر لتلمح بضع منازل على حافة جبل أو في خاصرته، مبنية بالطين والحجر، كجزء من جغرافيا الجبال، ولا تختلف عن الصخور المحيطة بها إلّا بشكلها المربع، ونوافذها التي تبدو مثل كوىً صغيرة من ذلك البعد.

أثارت هذه المنازل المتواضعة، البدائية البناء، الوديعة على أكتاف جبال الأطلس، إعجاب السياح على مدار عقود، هم الذين يحجّون بكثرة إلى المنطقة بحثاً عن الهدوء والسكينة، اللذيْن تمنحهما الجبال الممتدة بسخاء، والهواء الجبلي النقي.

هذا الهدوء انقلب بتاريخ 8 أيلول /سبتمبر الجاري إلى زلزال أتى على المنازل وأهلها. ولم يبق منها سوى حجر وردم غزير. بين كومة البيوت المهدمة تخرجُ الأرواح الناجية كأنّها خارجةٌ إلى يوم الحشر، ذاهلة لا تدري ما الذي حدث. وبعض هذه القرى انقطعت بها الطرق وحوصر أهلها لأيّام، حتى وصلتهم القوافل بعد فتح الطرق.

قسوة الطبيعة وتهميش الدولة

تتشكل هذه القرى من تجمعات لا يتجاوز بعضها عشرات الأشخاص، أو عشرات الأسر. انتشرت على طول مساحة واسعة في الحوز وتارودانت وشيشاوة وورززات، وهي المناطق الأكثر تضرراً من الزلزال. وتركزت في جبال الأطلس، حيث صعد الناس هرباً من الفيضانات التي كانت في الماضي تأتي على الأخضر واليابس في السّفوح، فصارت هذه الأخيرة مقابر مفتوحة لمن سبق وخضع لإغراء الامتداد اللّطيف نحو السهول.

يُفترض ألا يقيم أحد على تلك الجبال القاسية. لكن أهل المنطقة اضطروا، مع مرور السنوات إلى الذهاب أعلى فأعلى بسبب ارتفاع جبروت فيضانات الوديان عن المتوقع. فتراهم يمشون على الجبال بحكم العادة، كأنها أرض منبسطة. وتُصاب بالرعب، ولا تصدق أنّ كثيراً من النساء يعبرن الجبال، حاملات كومات حطب على ظهورهنّ، أو ما حصدنه من أرحامهنّ من رضع.

إلى جانب كل ما سبق، جلُّ نواحي المنطقة غير صالحة للزراعة بسبب الطبيعة الحجرية للتربة. وتبقى تربية المواشي - الماعز بشكل أساسي - جزءاً رئيسياً من مواردهم. لكن ماذا عن الدولة، أين هي من ذلك كله؟

مغرب غير نافع... مغرب منسيّ

كل ما سبق يحكي قصةً حزينة لمغرب غير محظوظ، والأسوأ أنه تُرك وحيداً، بعيداً عن العين والبال، كأبرز مناطق المغرب "غير النافع"، منذ أن قسّم الاستعمار الفرنسي المغرب إلى نافع وغير نافع. المغرب "النافع" هو سهول الغرب حيث الخصوبة وانتعاش الزراعة، والمدن الساحلية على الأطلسي والمتوسط، مع تفاوتٍ بينها. بعد الاستقلال انضمت المدن الكبرى إلى المغرب النافع، لأنها تضم مناطق لها نفع على الدولة، وتشمل مدن الوسط والشمال الغربي، من محيط طنجة وتطوان إلى الرباط والدار البيضاء، إلى أكادير ومراكش وفاس. أما ما عدا ذلك من جبالٍ وصحارٍ وقفار، فهي خارج المغرب الذي يحبّه المسؤولون.

تقارب نسب التعليم والتطبيب والبنية التحتية هناك الصّفر. وأسوأ ما يحدث للمعلمين الجدد هو تعيينهم في هذه الأماكن التي لا مجال للخروج منها إلا بضع مرات في السنة. ويعملون فيما لا يتجاوز الغرفتين يدّعى أنّهما تشكلان مدرسةً. وعليهم العيش في ظروف عيش السكان بأقل القليل، مما يضعف أكثر من مستوى التعليم لدى أطفال القرى.

2 - كيف هدّد زلزال الحوزالذاكرة الجماعية 

الزلزال يدمر أجزاءً من سور تارودانت التاريخي ( هسبريس، 14/9/2023)  لم تقتصر الخسائر التي خلفتها الهزة الأرضية التي ضربت عددا من المناطق بالمملكة، ليل الجمعة 9 شتنبر الجاري، على القتلى والجرحى وانهيار المنازل، بل طالت حتى المعالم التاريخية.

مدينة تارودانت بسورها التاريخي لم تسلم من الهزة الأرضية، حيث انهارت أجزاء كبيرة من هذا السور المحيط بها.

وعاينت جريدة هسبريس الإلكترونية انهيار أجزاء كبيرة من السور القديم، الشيء الذي أدى إلى إغلاق الطريق على مستوى شارع مولاي رشيد وباب السلسلة.

وسارعت السلطات المحلية بمدينة تارودانت إلى وضع سياج على السور القديم، من أجل تجنيب السكان والمارة الاقتراب منه أكثر تفاديا للتعرض لأي خطر في حال انهياره.

وخلف انهيار هذه الأجزاء من المكان التاريخي لأبناء مدينة تارودانت استياء كبيرا ينضاف إلى الحسرة والألم جراء الفاجعة التي طالت دواوير عديدة من الإقليم.

ويناشد سكان المدينة التاريخية الجهات المختصة من المجلس الجماعي وعمالة تارودانت، إلى جانب وزارة الثقافة والشباب والتواصل، الإسراع بترميم هذا السور القديم الذي يعتبر من معالم المدينة.

ووفق عدد من السكان، فإن الزلزال الذي هز المنطقة تسبب في أضرار بعدة مبان سكنية.

مسجد تينمل"... الزلزال يُدمّر مهد الدولة الموحدية (العربي الجديد، 15/9/2023) على مدار أكثر من 9 قرون، ظل "مسجد تينمل" التاريخي، والذي يطلق عليه محلياً اسم "الجامع الأعظم"، شامخاً في وسط جبال الأطلس الكبير الشاهقة، وعلى ضفاف نهر "نفيس"، في الجزء الغربي من مدينة تينمل، التي تبعد نحو مائة كيلومتر من مدينة مراكش المغربية.
قاوم المسجد عوامل الزمن وتقلبات المناخ منذ كان شاهداً على حقبة ذهبية شكلت مهد الدولة الموحدية، قبل أن يتحول معظمه إلى ركام من جراء الزلزال الذي ضرب المغرب، قبل أسبوع، وألحق أضراراً كبيرة بمناطق واسعة، كما كان سببا في طمس جزء من إرث معماري فريد.
شُيّد المسجد التاريخي في عام 1148، بأمر من الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي، تخليداً لذكرى المهدي بن تومرت، في الموقع الذي انطلقت منه الدعوة الموحدية، ويصف مختصون المسجد بأنه "من بين أهم ما أنجزه المعمار الإسلامي" في ما يتعلق بأحجامه المتوازنة، وتناسق تركيبه وزخرفته، وصولاً إلى مستوى الترابط الهندسي، فضلاً عن المكانة الخاصة التي اكتسبها الدينية والعسكرية.
يقول المؤرخ المغربي أحمد البوزيدي لـ "العربي الجديد": "يمكن اعتبار مسجد تينمل من أيقونات العمارة الموحدية التي حرصت عبر تاريخها على التميّز، واعتُبرت نموذجاً معمارياً فريداً في التاريخ الإسلامي".
كان المسجد يتميز كغيره من مساجد الموحدين في المغرب والأندلس، بمئذنته التي تتوسط أحد أضلاعه، وجرى بناؤه وفق تصميم مستطيل الشكل على مساحة طولها 48.10 مترا وعرضها 43.60 متراً، وهو محاط بسور مرتفع تعلوه شرفات، وتتكون قاعة الصلاة من تسعة أروقة موجهة نحو القبلة، كما يشكل التقاء البلاط المحوري والرواق الموازي لجدار القبلة شكلا هندسياً مميزاً.

سقف مراكش" تهتز على وقع زلزال المغرب (اندبندت عربية، 13/9/2023) لم تسلم المباني والمآثر التاريخية في إقليم الحوز ومدينة مراكش بخاصة من تداعيات الزلزال العنيف الذي ضرب المغرب ليل الجمعة - السبت الماضي، وأدى إلى مقتل أكثر من 2900 شخص وإصابة 5530 آخرين، وفق حصيلة نشرت أمس الثلاثاء.

وتضررت كثير من الأبنية والمآثر والمساجد والقصور التاريخية في إقليم الحوز الذي يعتبر بؤرة الزلزال المدمر، إضافة إلى مدينتي مراكش وتارودانت جنوب البلاد، ومنها مبان تاريخية تضررت بصورة كاملة وأخرى بصورة جزئية أو طفيفة.

سقف مراكش

ولعل أبرز المباني التاريخية التي تضررت مسجد الكتبية التاريخي الشهير وسط مراكش، ومشهده وهو يتمايل قبل أن يستقر في مكانه وسط صراخ عدد من الأشخاص، بحسب ما وثقت مقاطع فيديو تم بثها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقول الباحث المتخصص في تاريخ مراكش إلياس عروض إن الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز أدى إلى الأضرار بمسجد الكتبية التاريخي الذي يوجد قرب ساحة جامع الفنا السياحية الشهيرة في قلب مراكش، مشيراً إلى أن المسجد لم يسقط على رغم أنه شوهد يتأرجح قليلاً بضع ثوان قبل أن يهمد ويعود لوقفته الشامخة، مبرزاً أن "الذي تضرر من المسجد الصومعة مع بعض التصدعات في الواجهة".

ووفق الباحث فإن مئذنة جامع الكتبية التاريخي يبلغ طولها 69 متراً وتسمى "سقف مراكش"، باعتبار أن الواقف في الصومعة يمكنه أن يرى المدينة كلها، وتعد من أفخم وأجمل أجزاء المسجد الفسيح الشاسع الذي يمتلك تاريخاً ضارباً في العراقة والقدم يعود للدولة المرابطية".

وتقول مصادر تاريخية متطابقة إن مسجد الكتبية في صورته الأولى شُيد على يد السلطان عبد المومن بن علي الكومي عام 1147 ميلادي، كما يستحوذ على مساحة 5300 متر مربع، ويتشكل من 17 جناحاً و11 قبة مزينة بالنقوش.

ووفق مصادر محلية بمدينة مراكش فإن مسجد الكتبية ستحظر الصلاة فيه موقتاً إلى حين رصد حجم الأضرار التي طاولته، وأيضاً لحين ترميم الأعطاب وإعادة الصومعة والواجهة إلى حالتها الطبيعية.

خربوش والملاح اليهودي

ولم يكن جامع الكتبية التاريخي الوحيد الذي أصابته شظايا الزلزال الذي هز المغرب، بل أيضاً مسجد خربوش التاريخي المعروف الواقع في أقصى الشمال الشرقي من ساحة جامع الفنا، غير بعيد من سوق السمارين الشهير.

3- التداعيات الاقتصادية

خسائر المغرب من الزلزال قد تصل إلى 10 مليارات دولار (العربية، 11/9/2023) يواجه المغرب خسائر محتملة تصل إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي إثر الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، ومن المرجح أن تتراوح الخسائر بين مليار دولار و10 مليارات دولار، وفقا لتقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

يُشار إلى أن الزلزال قد ضرب البلاد قبل أسابيع من ذروة موسم السياحة، علما أن القطاع كان قد شكّل أكثر من 10% من النشاط الاقتصادي وإجمالي العمالة قبل جائحة كورونا، وفقا للمجلس العالمي للسفر والسياحة.

يذكر أن عدد الزوار للمغرب قد تجاوز مستويات ما قبل الجائحة في مايو الماضي.

ألفي شخص من المرجح أن يرتفع أكثر.

ويعتبر هذا الزلزال هو الأقوى في المغرب منذ 120 عاما، تحديدا منذ عام 1960، عندما أدلى الزلزال حينها بحياة 12 ألف شخص تقريبا.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن 300 ألف شخص في مراكش وخارجها قد تأثروا من الزلزال. وحذر مسؤول في الهلال الأحمر من أن الاستجابة قد تستغرق "شهوراً، إن لم يكن سنوات".

وتوجه الكارثة ضربة قوية للدولة التي يبلغ عدد سكانها 37 مليون نسمة والتي كانت نقطة مضيئة للمستثمرين القلقين من الاقتصادات الأخرى في المنطقة.

قطاع السياحة

زار نحو 10.9 مليون سائح المغرب العام الماضي وهو محرك حيوي لاقتصاد يبلغ حجمه 140 مليار دولار إلى جانب الزراعة والتجارة مع الاتحاد الأوروبي. وقد ساعد ذلك البلاد على تعزيز تصنيفها الائتماني. حصلت الحكومة على تصنيف "BB+" من وكالة "S&P Global Ratings"، وهي أقل بدرجة من التصنيف "الاستثماري" وواحدة من أعلى المستويات مقارنة بباقي دول أفريقيا.

فيما قال صندوق النقد الدولي، يوم الأحد، إنه يعمل على دعم المغرب واقتصاده بعد مأساة الزلزال.

ومن المقرر أن تستضيف مراكش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بداية من التاسع من أكتوبر/تشرين الأول.

يكابد الناجون من أعنف زلزال يتعرض له المغرب منذ أكثر من ستة عقود للحصول على الطعام والماء مع استمرار البحث عن المفقودين في القرى التي يصعب الوصول إليها ويبدو أن عدد الوفيات الذي يزيد على ألفي شخص من المرجح أن يرتفع أكثر.

ويعتبر هذا الزلزال هو الأقوى في المغرب منذ 120 عاما، تحديدا منذ عام 1960، عندما أدلى الزلزال حينها بحياة 12 ألف شخص تقريبا.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن 300 ألف شخص في مراكش وخارجها قد تأثروا من الزلزال. وحذر مسؤول في الهلال الأحمر من أن الاستجابة قد تستغرق "شهوراً، إن لم يكن سنوات".

وتوجه الكارثة ضربة قوية للدولة التي يبلغ عدد سكانها 37 مليون نسمة والتي كانت نقطة مضيئة للمستثمرين القلقين من الاقتصادات الأخرى في المنطقة.

قطاع السياحة

زار نحو 10.9 مليون سائح المغرب العام الماضي وهو محرك حيوي لاقتصاد يبلغ حجمه 140 مليار دولار إلى جانب الزراعة والتجارة مع الاتحاد الأوروبي. وقد ساعد ذلك البلاد على تعزيز تصنيفها الائتماني. حصلت الحكومة على تصنيف "BB+" من وكالة "S&P Global Ratings"، وهي أقل بدرجة من التصنيف "الاستثماري" وواحدة من أعلى المستويات مقارنة بباقي دول أفريقيا.

للمقارنة، انتعشت السياحة في تركيا منذ أن ضرب زلازل قوي مناطقها الشرقية في فبراير، وسط ارتفاع عدد الوافدين في الصيف.

الضغوط الاقتصادية

ومن شأن أي عملية إعادة إعمار واسعة النطاق أن تزيد من الضغوط على الاقتصاد الذي يعاني من ضغوط لأكثر من عامين.

كانت هناك علامات على التحسن خلال هذا العام. ومن بينها عودة البلاد إلى أسواق السندات الدولية في مارس بعد غياب دام أكثر من عامين. وأصدرت سندات بقيمة 2.5 مليار دولار لأجل 5 سنوات و10.5 سنوات. وأنهت السندات لـ5 سنوات التداول يوم الجمعة بعائد قدره 6.1%.

قبل زلزال الجمعة، كانت السلطات تستهدف تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 3.4% هذا العام وتخطط لتقليص عجز الميزانية من 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 4% في عام 2024. وكان من المقرر أن تحصل طبقة الفقراء في البلاد على فرص أفضل للحصول على الدعم عبر برنامج المساعدات المباشرة.

الإعمار والتعليم بعد زلزال المغرب.. الحقائق السوسيولوجية والاعتبار التنموي والدستوري (عربي 21، 18/9/2023) لم يكد يوم الثامن من أيلول (سبتمبر) الجاري ينتهي في المغرب، حتى تم الإعلان عن زلزال قوي بلغت درجته 7.2 مئوية بمقياس ريختر بمنطقة الحوز وسط البلاد، وصلت تداعياته إلى جميع مدن البلاد.. دفع غالبية سكان المغرب إلى الخروج من منازلهم وقضاء ليلة كاملة في الساحات العامة..

لم يكن زلزال منطقة الحوز هو الكارثة الأولى التي يواجهها المغرب، فقد سبقته في ذلك كوارث متعددة سواء كان الأمر زلزالا أو فيضانات أو أوبئة.. وإن كان زلزال الحوز هو الأقوى في تاريخ المغرب خلال قرن من الزمان.. وفي كل تلك التجارب واجه المغرب الرسمي والشعبي تلك المحطات بما تقتضيه من الحلول الممكنة.
ولئن أبدى المغرب الشعبي والرسمي حكمة بالغة في التعاطي مع كارثة الزلزال الحالية من حيث حجم التضامن الإنساني غير المسبوق، أو لجهة تسخير الدولة لكل الوسائل المتاحة بما في ذلك الجوانب الصحية والإعلامية والاقتصادية من أجل مواجهة الكارثة، فإن تجاوز الصدمة الأولى للحادث يستوجب الوقوف أمام تحديات المرحلة المقبلة، وفي مقدمتها تحدي إعادة الإعمار بكل ما يحمله هذا التحدي من معنى.

وإذا كان الانشغال بالتفاصيل المباشرة لمواجهة الحاجات الإنسانية العاجلة والتعاطي مع المستجدات الإنسانية اليومية الناجمة عن الزلزال، هو التعبير المباشر عن كفاءة الشعوب والدول في حماية حياة الناس، وهذا مجال كان للمغرب جهد كبير فيه، فإن المقاربات الفكرية الثاوية خلف هذه الصورة التي عكستها وسائل الإعلام بكل أنواعها، هي مدخل الحكم على تطور الدول وقدراتها في حماية منظوريها.

ومع بروز مؤشرات السيطرة على الوضع بعد الزلزال العنيف الذي ضرب منطقة الحوز وشيشاوة وتارودانت بالمغرب، بدأت تثار أسئلة كثيرة عن الأفكار الحكومية التي تختزنها لبلورة كيفيات تنزيل التعليمات الملكية حول الإعمار، وبدأ السؤال يطرح بشكل قوي عن شكل استئناف الدراسة والصيغ المعتمدة لتمكين الطلاب في المناطق المتضررة من فرص مساوية لأقرانهم في المدن والمناطق الأخرى، وما إذا كانت ستكون فعالة أو ستتكون مؤطرة بفكرة الإدماج بأي ثمن من غير نظر لاعتبار الجودة أو اعتبار ارتفاع الهدر المدرسي.

في إعادة الإعمار.. السوسيولوجيا الحاكمة

في موضوع الإعمار، اشتغلت السلطة بالمغرب على الإسراع بالإعلان عن برنامج استعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من زلزال الحوز، تتضمن نسخته الأولى خطة الإيواء المؤقت، والتي تتضمن صيغا ملائمة في عين المكان، وفي بنيات مقاومة للبرد وللاضطرابات الجوية، أو في فضاءات استقبال مهيأة، وتتوفر على كل المرافق الضرورية. كما تتضمن خطته الأساسية، اتخاذ مبادرات فورية لإعادة الإعمار، تتم بعد عمليات قبلية للخبرة وأشغال التهيئة وتثبيت الأراضي.

في الواقع ثمة أربع ملاحظات أساسية في التجربة المغربية في مواجهة تحدي الإعمار، الأولى، وهي توفير أعلى مستوى من مستويات السلامة (الشروط الهندسية والتقنية وفق دفاتر تحملات مدروسة)، واحترام الهوية العمرانية والتاريخية للمنطقة (الطابع الهوياتي العمراني)، وأن تكون عملية الإعمار ناتجا عن عملية إنصاب وتواصل مع الساكنة (مراعاة المعطى السوسيولوجي)، والرابعة أن يكون الإعمار جزءا من مشروع فك العزلة وتنمية المنطقة وتوفير البنية التحتية الأساسية بها

تداعيات زلزال الحوز على الاقتصاد المغربي (تقرير) (الأناضول،  20/9/2023) خلّف الزلزال الذي ضرب المغرب، في 8 سبتمبر/ أيلول الجاري خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات، وأخرى مالية كبيرة، سترخي بظلالها على الاقتصاد المحلي.

واختلفت تقديرات الاقتصاديين للأضرار المالية للزلزال المدمر، بينما لم تعلن السلطات المغربية عن أي رقم حتى تاريخ 19 سبتمبر/أيلول الجاري.

وفي 8 سبتمبر/ أيلول الجاري، ضرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر عدة مدن مغربية، منها العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس (شمال) ومراكش وأغادير وتارودانت (وسط).

وأسفر الزلزال، وهو "الأعنف منذ قرن"، عن مصرع 2946 شخصا وإصابة 6125 آخرين، بالإضافة إلى دمار مادي كبير، بحسب أحدث بيانات لوزارة الداخلية.

** تداعيات اقتصادية

وقال عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية): "الكلفة الاقتصادية المتوقعة للزلزال، تعادل ميزانية بناء مدينة صغيرة يبلغ عدد سكانها نحو 600 ألف نسمة تضم نحو 30 ألف وحدة سكينة".

وزاد الكتاني في تصريح للأناضول: "أقدر أن الكلفة ستتراوح ما بين 10 و15 مليار دولار، سيحتاج الأمر نحو 5 سنوات من القيمة المضافة التي ينتجها المغرب".

وزاد: "البلد يحتاج لنحو 5 سنوات لاستيعاب الوضعية الحالية من ناحية الكلفة، شرط تعبئة الموارد المالية والبشرية، مع إقرار سياسة التقشف وترشيد النفقات".

وتابع: "لدي الثقة بأن الشعب المغربي من خلال ثقافة التضامن التي يتحلى بها، سيساهم بشكل جيد في التقليل من الكلفة الاقتصادية للزلزال، بما يسمح بالتعافي السريع من تبعاته".

وأوضح أن "600 مهندس مستعدون للمساهمة في إعمار وتأهيل المناطق المتضررة، بدون مقابل، وهذا ربح مادي ومعنوي كبير ينعكس على المردودية الاقتصادية وإنتاجية الإنسان".

** خسائر مباشرة وغير مباشرة

وقال الخبير الاقتصادي المغربي محمد جدري في تصريح للأناضول: "توجد كلفة مباشرة وأخرى غير مباشرة للزلزال المدمر على الاقتصاد المحلي".

وزاد: "الكلفة المباشرة تتمثل في عدد المساكن التي ضاعت، وكل ما يتعلق بالبنيات التحتية والطرق وشبكة الهاتف والماء والكهرباء..".

وتابع: "بينما الكلفة غير المباشرة، فتشمل نفقات مختلف عناصر التدخل في المنطقة (الجيش والدرك والأمن والوقاية المدنية)"، دون احتساب الإنتاج المتوقع للضحايا في الاقتصاد المحلي في حال بقائهم على قيد الحياة.

ولفت أن "البلد مطالب بتوفير نحو 10 مليارات درهم (مليار دولار) تخص فقط الدعم المالي المباشر للأسر المتضررة، والدعم الخاص بإعادة بناء المنازل أو تأهيل المتضررة منها".

وكان الديوان الملكي المغربي أعلن، الخميس الماضي، أن 50 ألف مسكن انهار كليا أو جزئيا إثر الزلزال.

ولفت إلى استعداد الدولة لتقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا".

ولإعادة تأهيل البنيات التحتية، يقول جدري: "نحن في حاجة لنحو 20 مليار درهم (2 مليار دولار) و10 مليارات درهم (مليار دولار) للإيواء المؤقت".

4- كرم منكوبي الزلزال وتضامن شعبي واسع

مناطق المغرب المنكوبة تفيض بكرم الضيافة (العربي الجديد، 17/9/2023) أهالي الحوز أهل كرم وجود"، عبارة يردّدها مسعفون وصحافيون ورجال إنقاذ وأمن خلال عملهم في المناطق المنكوبة بالزلزال المدمّر وسط المغرب.

وقد أسفر الزلزال الأخير، الذي عُدّ "الأعنف منذ قرن"، عن مصرع 2946 شخصاً وإصابة 6125 آخرين، بالإضافة إلى دمار كبير، بحسب أحدث بيانات وزارة الداخلية المغربية.

وفي الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري، ضرب زلزال بقوة سبع درجات على مقياس ريختر مدناً مغربية عدّة، من بينها العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس (شمال) ومراكش وأغادير وتارودانت (وسط).

ووسط الكارثة، يقف الزائر أمام بيت أحد المتضرّرين. صحيح أنّ المبنى مهدّم وكذلك الأثاث، فيما فُقد كلّ شيء آخر، إلا أنّ المغربي المنكوب يحرص على الترحيب بالزائر وتقديم الشاي والطعام له.

ويتكرّر هذا السيناريو في مختلف قرى ومدن إقليم الحوز وبقيّة المناطق المتضرّرة من الزلزال.

عشاء وقهوة

لم تكن عائشة صيباري (35 عاماً)، وهي صحافية، تعلم أنّ عملها الذي قادها إلى أعالي جبال شيشاوة سوف يجمعها بأهالي "قمّة في الأخلاق والترحاب والكرم"، بحسب ما تقول لوكالة "الأناضول".

وكانت صيباري قد تأخرت بالعودة إلى شيشاوة ليلاً، في اليوم الثاني من الزلزال، وتوقّفت بسيارتها بالقرب من قرية أمندونيت. هناك كانت صخور كبيرة ما زالت تتساقط من الجبال، الأمر الذي يمثّل خطورة عليها، حيث عرض عليها الأهالي المبيت مع نساء القرية، علماً أنّ السكان كانوا جميعاً يبيتون خارج ما تبقّى من المنازل، وذلك في جهتَين؛ واحدة مخصّصة للرجال وأخرى للنساء.

من جهتهم، كان الأطفال يمضون في اللعب، إذ لم يستوعبوا حجم الدمار الذي حلّ بقرى المنطقة.

وبمجرّد توقف صيباري، قدّم لها السكان العشاء والقهوة، وفقاً لما ترويه.

وقد تكرّرت مثل هذه المواقف مع صحافيين ومسعفين، إذ لا يبخل أهل القرى المنكوبة بتقاسم القليل الذي تبقّى لديهم مع كلّ زائر، ومهما كانت صفته.

صدى عالمي لكرم المنكوبين وتضامن المغاربة خلال زلزال الحوز (الشرق الأوسط، 17/9/2023) في خضم مشاهد الدمار والموت التي خلفها «زلزال الحوز»، برزت قيم التضامن والتلاحم والكرم بين المغاربة، بشكل أوضح حسب متابعين، مغاربة وأجانب، أن محنة الكارثة كشفت وحدة المغاربة وجمال معدنهم، وقدرتهم على الصبر في أوقات الشدة والمحن، والتعامل معها بكبرياء وطيبة قلب، ومسارعتهم إلى التضامن والتآزر ومد يد المساعدة إلى بعضهم البعض.

المشاهد كثيرة، سواء تعلق الأمر بتلك التي تعبر عن كرم المنكوبين، الذين حرصوا على حسن وفادة من تنقل إلى مناطقهم المدمرة بفعل الزلزال، من إعلاميين ومسعفين ومتضامنين، أو تلك التي تتعلق بمغاربة سارعوا إلى التبرع بالدم، والتضامن مع المتضررين بما يحتاجونه من مأكل ومشرب وملبس وأغطية وخيام، رغم فقرهم وحاجتهم إلى ما يساهمون به من تبرعات.

«كيف يمكنني أن أبعث إليك، يا ولدي، ببعض الزعفران؟»، هكذا خاطبت سيدة في عقدها السادس والدموع في عينيها، شابا كان بصدد الاستفسار عن أحوالها بعد الزلزال الذي أحدث تصدعات شديدة في بيتها الطيني بإحدى المناطق المنكوبة.

نموذج هذه السيدة، التي لم تتخل عن عادة العطف على الغريب وإكرام الضيف، حتى في أشد المحن قساوة، هو مثال لعشرات المشاهد المؤثرة التي تناقلتها القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، خلال كارثة الزلزال.

حديث كثيرين، وبينهم أجانب، عن «كرم فائض» أبان عنه المنكوبون، رغم محنة الزلزال، لخصته الصحافية المغربية هاجر الريسوني، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حيث كتبت: «منذ أمس وأنا أقرأ وأشاهد شهادات لأجانب، وحتى لمغاربة، عن كرم ضحايا الزلزال عندما يصل إليهم المتطوعون أو الصحافيون، فعلا إنه المغرب العميق... لكن عميق بكرمه وحسن الضيافة والابتسامة في وجه المحن... إنهم يستحقون الأفضل»، وزادت قائلة: «أتمنى أن تدفع هذه الفاجعة المسؤولين إلى التفكير في سكان هذه المناطق، التنمية أولا، التنمية أولا... نريد أن يكون المغرب كله على نفس الدرجة من التنمية».

ما زلنا قادرات".. "زلزال الحوز" يفرز تحولا في بنية أدوار "النساء القرويات (هسبريس، 16/9/2023) في الحروب والكوارث، تكون الفئات الأكثر هشاشة هي الأكثر تضررا، خصوصا الأطفال والنساء. فهل هذا ينطبق على ما اصطُلح عليه إعلاميا “زلزال الحوز”؟ تنطلق السيارة من جليز بمراكش نحو إقليم شيشاوة، للإجابة عن هذا السؤال على ألسنة النساء القرويات المتضررات في الدواوير ابتداء؛ فالطرق إليهن هذه المرة لا تبدو منهَكة، بعد أن تيسرت سبل التحرك وتم فك العزلة عن غالبية الدواوير.

في الطريق، مشاهد بالجملة؛ لكن أول ما تلتقطه العين هو امرأة مسنة، أصاب تعبُ السن ظهرها، تقود دابة تحمل “م

رتبة سرير” تنزله من مرتفع الشارع، وأخرى تحمل “كارطونا” تضعه وتعود نحو المخيم، استوقفتها هسبريس. لم تبد تحفظا، وأخذت تتحدث بلغة يغلب عليها الكثير من العبارات الأمازيغية، 

نجحت “الجروح الغائرة” التي تشهدها الجدران ببيت فاطمة في إخراجها، قسرا، إلى السكن بمخيمات بلاستيكية؛ لكنها شعرت بأن “الشيء الذي يجب أن يخرج من المنزل هو الحالة المدنية، حماية للشعور بالأمومة وحق طفلاتها الأربع في الارتفاق”، كما تقول.

وتابعت وعلاماتُ وجهها تشي بفرح ما: “الأنشطة الحيوية التي كانت تقوم بها المرأة القروية تعرف تعطلا مرحليا، بسبب الجفاف في السابق وتأثيرات الزلزال فيما بعد”.

وأضافت قائلة: “أنتظر أن تعود حياتنا إلى طبيعتها؛ وهذه الهبة التضامنية أعادت للنساء القرويات نوعا من الاطمئنان في المصير وفيما ينتظرهن لاحقا”، مشيرة إلى أن “المرأة القروية ماهرة في نمط حياتها”، وتصف ذلك موضحة: “كتعرف شنو كدير، وراها مزالة كدير داكشي لي كتعرف، واخا كلشي المشاكيل لي دار الزلزال”. وزادت: “هذا وقت أن أساهم بدوري في ما أستطيع القيام به”، كاشفة عن سواعدها كدلالة على المراس والدربة

ما قدمته فاطمة لهسبريس أعادت تأكيده إحدى نساء الدوار، التي تسمى بدورها فاطمة آيت الحاج، إذ لفتت إلى أن “المرأة القروية تشعر بأن هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقها”، مردفة: “منذ طراوة العود تتدرب نساء على المحن، وهذا الزلزال هو قضاء وقدر؛ فالحياة عند النساء صارت معكوسة، فكن في السابق تتخوفن التأخر ليلا خارج البيت، لكن المشكل الذي صار اليوم أنهن أصبحن يتخوفن بالبيت”.

وبينما تتحدث، تبرز تشبثها باللغة والثقافة وأساسا بالأرض، بحيث تعود بالذاكرة إلى 1985، حين وضعت وشما أسفل ذقنها إعلانا لانتماءٍ ما؛ إذ قالت: “نستجمع كل القوة لتبيت في الخيام، ونقوم بأي شيء نستطيعه، ولا نتوقف لكون العزيمة قوية والإصرار موجود”؛ وكشفت أنها “مثل كل نساء الجبل تتمسكن بالعيش فيه، رافضات لأي رغبة ممكنة لإخلاء المكان الذي منحهن زخما من الذاكرة”.

الصبر.. البنية السحرية

تستمر هسبريس في المسير في قلب إقليم شيشاوة؛ كلما بدا دوار ما خلف هذه المنعرجات الملتوية إلا وتبين أن “ليّ الزلزال لعنق النساء بالمنطقة ربما كان مهمة مستعصية”؛ ففي كل دوار نمر به بجماعة أداسيل، إحدى أقرب النقط لبؤرة الزلزال، تقع على مرأى العين نساء تقدن دوابا أو تحملن شيئا ومنخرطات بشكل روتيني في مرحلة “ما بعد الزلزال”، الذي نجمت عنه أضرار كبيرة.

“الصبر عقيدة عند المرأة القروية”، هذا ما قاله مسؤول رفيع المستوى بوزارة الداخلية بإقليم شيشاوة، لهسبريس على هامش دردشة تخص “الأدوار التي قدمتها النساء خلال الزلزال”، حيث قال: “اليوم أكلنا الكسكس في المخيم، وإبداع الكسكس في هذه الظروف هو في حده شيء معبر وغني رمزيا”، مضيفا: “منذ وقت مبكر والنساء هنا تلعبن دورا أساسيا على مستوى تنظيم المجتمعات القروية النائية”.

 

التضامن الشعبي للمغاربة مع منكوبي الزلزال  Consulter sur la Clé 

http://cle.ens-lyon.fr/arabe/revue-de-presse/20-9-2023-al-tadamun-al-chaabi-li-l-maghariba-maa-mankoubi-al-zilzal

 

Pour citer cette ressource :

" عن زلزال المغرب الأعنف .. منذ قرن - Question d'actualité ", La Clé des Langues [en ligne], Lyon, ENS de LYON/DGESCO (ISSN 2107-7029), septembre 2023. Consulté le 28/04/2024. URL: https://cle.ens-lyon.fr/arabe/civilisation/monde-arabe/question-dactualite-an-zilzal-al-maghrib-al-aanaf-mundhu-qarn