Vous êtes ici : Accueil / Littérature / Contemporaine / Textes inédits / الاستعادة - Reconstitution

الاستعادة - Reconstitution

Par Ali Bader
Publié par Narimane Abd Alrahman le 14/06/2014

Activer le mode zen PDF

الاستعادة تنشأ من شك على الدوام بالحاضر. التفكير بالماضي، التفكير داخل الماضي، إعادة التفكير بالماضي. يفصح هذا النوع من الأدب عن شكوكه إزاء الحياة السياسية الحالية. كتبت روايتي في العام 2001 وكانت الخطابات الفلسفية والسياسية، وجميع السرديات التي تشتمل وظيفتها على شرعنة الثورة تقول أن الماضي كان سيئا، والحاضر الذي صنعته الثورة أفضل.

Comment redonner vie à une époque?

Le cinéma a donné la preuve de sa puissance pour mettre en scène des pans de l’histoire, à grands frais de décors et d’inventivité. Mais quelle est la démarche spécifique de l’écrivain ? Au prix de quelles recherches historiques, et par quels moyens peut-il donner à voir la coloration particulière d’une époque passée ? Faut-il s’en tenir aux données établies ou privilégier la vraisemblance ? Quelle place pour le savoir attesté, quelle place pour l’hypothèse et l’imaginaire ?

الاستعادة تنشأ من شك على الدوام بالحاضر. التفكير بالماضي، التفكير داخل الماضي، إعادة التفكير بالماضي. يفصح هذا النوع من الأدب عن شكوكه إزاء الحياة السياسية الحالية. كتبت روايتي في العام 2001 وكانت الخطابات الفلسفية والسياسية، وجميع السرديات التي تشتمل وظيفتها على شرعنة الثورة تقول أن الماضي كان سيئا، والحاضر الذي صنعته الثورة أفضل.

هذا الخطاب مدعوم بالعديد من السرديات الرسمية يهدف إلى ترسيخ الذات داخل السياق السياسي، والثقافي، والاجتماعي للثورة التي قام بها صدام، ومسح وتجريم كل ما كان في الماضي. كتابة رواية يتم من خلالها استعادة الماضي تعني إثارة الشكوك حول الإجراءات السردية للتاريخ الرسمي، وإبطال الفكرة الرسمية التي تنص أن للماضي حقيقة واحدة لا غير. إن اللايقين الإبستيمولوجي هو من الظواهر المؤكدة لعملية الإستعادة إذ أن السؤال يتمحور حول علاقة الحقيقة بالتاريخ، وإلى إي قدر بإمكان الرواية أن تسهم في تصويب التاريخ وترميمه.

 إن استعادة المدينة في زمنها القديم، يؤكد قدرة الجنس الأدبي الجديد على العرب، والذي اسمه الرواية، على استنطاق أحد مجالات المعارف الكبرى الذي برز فيه العرب، وهو التاريخ. وهذا بحد ذاته شيئا مثيرا للاهتمام. لأن هذا من شأنه تسليط الضوء على وظيفة مهمة من وظائف الرواية، وهو قدرتها على تكذيب التاريخ الرسمي.

كانت مرحلة الكتابة هي أجمل مرحلة في حياتي. كنت شابا يافعا. بلا عمل تقريبا. مقموع من الناحية السياسية. في بلد يرزح تحت العقوبات الاقتصادية، والاستبداد السياسي. أعيش في عمارة في شارع حدثت به أغلب أحداث روايتي-كان في الخمسينات رمز الحداثة الغربية في العالم الإسلامي. فيه أكثر من سبعين بارا ومقهى وسينما. أسفل العمارة التي كنت أعيش فيها كانت هنالك مكتبة للاسطوانات الغربية، ومكتبة للكتب الأجنبية. أما في زمني فلم يعد أي شيء من هذا، وما تبقى في طريقه إلى التلاشي، وكان علي أن أنتقل في الزمن مثل ساحر.
شيء أشبه بالسحر. تتحول حياتك كليا إلى زمن آخر. تحيي الموتى وتتحدث معهم. تستنطق الصور وتدخل إلى فضائها، تقرأ صحفا أخبارها منذ خمسين عاما وكأنها حدثت اليوم. تعرف عن أزياء هذه المرحلة أكثر مما تعرف عن أزياء مرحلتك، تعرف الإعلانات كلها، تعرف ماذا كانوا يشربون وماذا يأكلون وماذا يلبسون وأين يسهرون .
أكثر ما كنت أفرح به هي الإعلانات في الصحف، عرفت من خلالها كل أنوع البيرة التي يشربونها وأسعارها. كل ماركات البنطلونات والأربطة ومن أين يشترونها. عرفت كل أسماء الخياطين. عرفت ديكورات كل المطاعم والبارات التي يسهرون بها ومن صممها. كل الماركات وأين تباع. ما كنت أشتهيه أقدمه إلى بطلي، كي يذهب ليشتري أجمل الملابس، ويذهب إلى أفضل بار كي يلتقي بأصدقائه، ويتحدث لهم عن سارتر.

في حجرتي الصغيرة كانت خرائط المدينة معلقة على الحائط. كنت أقرأ في الصحف القديمة الأحداث الاجتماعية لذلك الزمن، مثل تزوج فلان من فلانة، أو باع التاجر فلان بيته، أو سافر المحامي فلان إلى لندن أو باريس. أما ألبومات الصور الفوتوغرافية التي اشتريتها من العائلات البغدادية، فكانت أهم وثيقة لمعرفة قصات الشعر والملابس والتي تتوافق مع الطبقة الاجتماعية أوانذاك. أما الأهم فهو دليل الهاتف لعام 1950. لقد قرأت دليل الهاتف مثلما أقرأ رواية. لقد عرفت من خلاله كل أسماء سكان بغداد ومن خلالها عرفت طوائفهم، وعرفت عناوينهم ومهنهم.

الخلاصة أني حاولت استعادة زمن ممسوح من ذاكرة بلدي. وهو نوع من الهروب من الحاضر، بحثا عن زمن تحيد فيه التناقضات، للوصول إلى حقيقة الحداثة في العالم الإسلامي. فالاستعادة هنا آلية سياسية تكشف التزييف الذي بنيت عليه فكرة الثورة. وبفضل آلياتها كشفت أحد أهم ماتمتاز به السلطة القمعية، ألا وهو فن الكذب. أما التاريخ الرسمي فهو الخدعة العملاقة، التي انهارت بفضل الاستعادة مثل هرم من ورق.

 
Pour citer cette ressource :

Ali Bader, الاستعادة - Reconstitution, La Clé des Langues [en ligne], Lyon, ENS de LYON/DGESCO (ISSN 2107-7029), juin 2014. Consulté le 07/11/2024. URL: https://cle.ens-lyon.fr/arabe/litterature/contemporaine/textes-inedits/reconstitution-