السد - Le barrage.
يبني القندس سداً لأنه لا يثق في النهر. وتدفع الغابة ثمن هذه الثقة المفقودة مئات الأشجار. لا تستطيع القنادس أن تأوي إلى حفرة أو كهف أوعش لأن غريزتها تجعلها تمعن في بناء السد مدفوعةً بخوفها الأزلي من التيار الذي لا تعرف ماذا يحمل والشتاء الذي لا تعرف ماذا يخبئ لها.
يبني الإنسان بيوتاً لأنه لا يثق في جيرانه. ويدفع الكوكب ثمن هذه الثقة المفقودة ملايين الأطنان من الإسمنت والإسفلت والأخشاب التي تبني مدناً نهمة ترضع الكهرباء إلى الأبد. لا يستطيع الإنسان أن يعيش في كنف بني جنسه دون أن يجعل بينه وبينهم حيطاناً تحميه من أعينهم وأفكارهم وتصرفاتهم.
السد هو عنوان اللاثقة في هذا العالم. إنه وسيلة القندس والإنسان في إيقاف الحياة عند حالة معينة لأنهما لا يثقان في الحالات القادمة. السد هو محاولة احتكار الطبيعة لكي تمنح مأوى آمناً لعائلة القندس ومصدراً للغذاء، ولكي تمنح الإنسان مورداً مائياً لا ينقطع ومصدراً للطاقة.
للأسف أن الكوكب لا يبدو مصمماً لأن يكون عالماً من السدود. لا يوجد أشجارٌ تكفي كل قنادس العالم قبل أن نختنق من نقص الأكسجين، ولا يوجد حيطان تكفي كل بني الإنسان دون أن نختنق من نقص الحرية. كل ما نشعر به هو أنه لو كانت القنادس أقل حذراً لكانت الغابة أفضل حالاً، ولو كان الحضارات تقرّب بين البشر بقدر ما فرقتهم لكانت هناك حيطانٌ أقل في هذا العالم.
يحزننا منظر الغابة وهي محلوقة الأشجار، والعالم وهو يسعل بشدة. ولكن لا نستطيع أن نتخلى السد. وحتى عندما نقرر أن نتحدى غريزتنا ونهرب نحو أفقٍ أوسع ونهر مفتوح، نتساءل بعد ذلك: ماذا نفعل بأسناننا التي تستمر في النمو بدون توقف ما لم نقرض بها شيئاً؟
محمد حسن علوان.
ليون ماي 2015
Les 9èmes Assises Internationales du Roman : |
En partenariat avec la Villa Gillet : |
Institution incontournable de la scène culturelle à Lyon, la Villa Gillet rassemble artistes, écrivains et chercheurs du monde entier pour nourrir une réflexion publique autour des questions de notre temps à l'occasion de conférences, débats, tables rondes, et lectures. |
Pour citer cette ressource :
Mohammed Hasan Alwan, "السد - Le barrage.", La Clé des Langues [en ligne], Lyon, ENS de LYON/DGESCO (ISSN 2107-7029), juin 2015. Consulté le 05/10/2024. URL: https://cle.ens-lyon.fr/arabe/litterature/contemporaine/textes-inedits/le-barrage-