Vous êtes ici : Accueil / Littérature / Contemporaine / Fiches de lecture / غرق المجتمع في رواية " الغرق" : حكايات القهر والونس

غرق المجتمع في رواية " الغرق" : حكايات القهر والونس

Par Lama Zoudi : Etudiante en Master 2 Traduction et Interprétation / parcours TEL ( Traduction et Édition Littéraire) - Université Lyon 2
Publié par Lama Zoudi le 04/04/2023

Activer le mode zen

يعالج هذا البحث قضية اجتماعية عرضت لها رواية " الغرق.. حكايات القهر والونس " للكاتب السوداني حمور زيادة، وهذه القضية في غاية الأهمية ويعاني منها المجتمع السوداني ومعظم المجتمعات العربية وهي قضية العنف بجميع أشكاله الذي تتعرض له المرأة. كما يقف عند بعض الجوانب السلبية التي تتصل بالمنصب الذي يحلم به الرجل.. وتَحكُّمه بمصير المرأة.

                                Cet article a été rédigé dans le cadre d'un stage à l'ENS de Lyon.

حمور زيادة

ولد حمور زيادة  في العاصمة السودانية الخرطوم في العام 1977، واشتغل بالمجتمع المدني وكشف عن المشكلات التي يعاني منها المجتمع السوداني وكان جريئاً في طروحاته حتى إنها أوصلته السجن وحرق بيته.

  يُعد من أبرز أدباء السودان ولاسيما في فن الرواية، له عدد من الروايات أشهرها "شوق الدرويش" التي حصل بسببها على جائزة "نجيب محفوظ" للأدب من الجامعة الأمريكية بالقاهرة في العام  2014 وكتب عدداً من القصص، وقد نشر مجموعتين قصصيتين، هذا بالإضافة إلى المقالات والأبحاث التي كان ينشرها، في الصحف والمجلات إذ كان يعمل في عدد منها، ويكتب فيها وفي غيرها، أشهرها : "المستقلة" و"الجريدة" و"اليوم التالي"  و"أجراس المدينة"، فبرز اسمه لامعاً في فضاء الأدب السوداني المعاصر.

أشهر أعماله :

الروايات :  الكونج - شوق الدراويش - الغرق

القصص : مجموعة " النوم عند قدمي الجبل ".

مختصر الرواية

الغرق رواية سودانية تنقل أحداثاً لمكان قد يمثل معظم الأمكنة في السودان. يختار الكاتب قرية "حجر نارتي" لتكون حاملةً للشعلة. تقاليد بالية تحكم هذا المجتمع فتؤثر فيه سلباً، تأثير تقع المرأة أولى ضحاياه حيث تسلط عليها سياط المجتمع الذكوري، وإن قضت تحتها فلا أحد  يكترث لأمرها، هكذا افتتح الكاتب روايته سارداً أحداث العثور على جثة فتاة مجهولة الهوية تطفو على سطح مياه النيل، دون أن يتعرف أحد على صاحبتها. تبدأ رحلة البحث عن صاحبة الجثة، رحلة كان الفشل ينتظرها في نهاية النفق. لم تكن هذه الجثة إلا نموذجاً عن المرأة الميتة ولا يهم نوع الميتة التي تموت فيها، وبدا هذا على كثير من الشخصيات والأسماء لكن المرأة تظل هي الوحيدة في محور الأحداث، وتعتبر " فايت ندو " أشهر تلك النساء وهي صاحبة العريش التي تقدم الشاي والقهوة. إنها امرأة أربعينية ولدت لأمَةٍ وكذلك ابنتها "عبير" ولدت خارج إطار الزواج. وكانت تحلم وتتطلع أن يكون لابنتها مستقبل أفضل، لكن المجتمع الظالم رمى بها إلى نفس مصيرأمها لتصبح أماً وهي في الثالثة عشرة من عمرها .  لم يكن ظلم المجتمع منصباً على المرأة فحسب، بل كان للرجل نصيب مؤلم منه، وتقدم الرواية عدداً من هذه القصص أبرزها قصة محمد سعيد ابن العمدة الذي يجبره أهله على العودة إلى "حجر نارتي" لأخذ مكان والده الراحل ويترك الدراسة في الجامعة، فيتغير مصيره وتتبدد أحلامه في أن يصبح "أفندي". ومثله شقيقه الأصغر " الرشيد " الذي يجد نفسه بين يوم وليلة مضطراً للزواج من نور الشام أرملة شقيقه بشير التي تكبره بعدة أعوام وذلك للحفاظ على الميراث. هذه الأحداث تفتح الأبواب أمام تساؤلات عدة لا إجابة شافية عنها، حول ما يرغب المرء وحول العوائق التي يفرضها واقعه والتي تحول بينه وبين أمنياته ومصيره المرتبط بها [i].

الإشكالية : "غرق" المجتمع

كثيراً ما كان عنوان الرواية هو الإشكالية التي تعالجها الرواية. وقد يختصر هذا العنوان ما يريد الروائي أن يوصله إلى القارئ، ولا شك أن الكلمتين اللتين وردتا بعد كلمة "الغرق" عنوان الرواية هما القصد الذي في هذا العمل. ثم إن من يتقن اللغة جيداً ومن يعرف بلاغتها فإنه يستعمل البلاغة في أدق تفاصيلها، ومن يعرف الصور البلاغية يعلم أن استعمال المتضادين يعني كل ما بينهما من أشياء، فعندما نقول العلم والجهل يعني وكل مستوياتهما، وعندما نقول من الألف إلى الياء نقصد كل الحروف.. وهكذا. ونحن هنا نقرأ في العنوان كلمتَي "القهر والونس" اللتين سبقتهما كلمة " حكايات ". إن التضاد بين القهر والونس يضم ما بينهما من مشاعر يحياها الإنسان، والتي أثارها الكاتب، ونقلها حكايات على ألسنة شخصياته كلها النسائية والرجالية.

  أما "الغرق" فهو العنوان الرئيسي الذي يختصر المجتمع كاملاً، وهذا تضاد بليغ جداً إذ إن حمور زيادة عنون روايته "الغرق" لكنه ترك الجثة في البداية والنهاية تطفو على وجه النهر لا أن تغرق، وفي هذا التضاد مغزى كبير جداً.

لقد عالج الروائي حمور زيادة التقاليد الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع السوداني وتتحكم فيه إلى أبعد درجة، معالجة دقيقة قريبة من الواقع جداً، بل إننا نشعر أنه واحد من شخصيات الرواية عاشها بالتفاصيل الصغيرة، فإن لم يعشها هو يكون أكثر صدقاً في نقلها للقارئ.  

تعالج الرواية مشكلات اجتماعية في ذاك المجتمع ولكن يمكننا أن نختصرها في ثلاثة أشياء، وهي :

أولاً : التصوير الدقيق لقرية "حجر نارتي" وهي القرية التي دارت فيها الأحداث، وجعلنا نعيش الأماكن التي وردت في الرواية ونعيش حالات الفقر التي يئن الإنسان تحت وطأتها، ولاسيما المرأة التي كانت العنصر الأهم في الرواية بكل أعمارها وأفعالها وأخلاقها.

ثانياً : المرأة

منذ البداية تظهر المرأة في الرواية لأن الرواية تبدأ من منظر جثة فتاة تطفو على سطح مياه نهر النيل، فهل كان هذا المنظر مقصوداً ليشير فيه الكاتب إلى موت المرأة في المجتمع القبلي الذي يتحكم فيه الرجل بلا رادع أخلاقي فيكون قتل الجسد أسهل من قتل الروح ؟

هل هذا ما أراد أن يوصله الكاتب إلى القارئ وهو الذي أنهى الرواية بالمنظر نفسه ؟

أهي مصادفة ؟ لا..

لقد قصد الكاتب إلى هذا الأمر أن المرأة جسد يمكن في أي لحظة أن يموت ويرمى.

لكن الأمر الأكثر قسوة هو لماذا جعل الكاتب المرأة جثة طافية على وجه المياه ؟

لماذا لم تُطمَر لإخفاء الجريمة إن كان ثمة جريمة ؟

لماذا لم تُنفَ المرأة أخلاقياً خارج حدود المكان الذي هو القرية ؟

إنها الأسئلة المشروعة التي تحثنا على التفكير، فيأتينا الجواب من أحداث الرواية المؤلمة، هل هو العقاب الذي يجب أن تناله المرأة ؟ ولماذا العقاب ؟ هل هو عقاب أخلاقي على فعلة فعلتها لم تكن هي السبب الوحيد فيها ؟

وهل كانت صاحبة هذه الجثة لترفض عادات ذاك المجتمع ؟ لا أظن.. إن في طفو جثة المرأة استهتار بالأخلاق، ولن تستطيع هذه العملية أن تمنع المرأة من قبول أي رجل.

الرجل والذكورية..

من يقرأ الرواية يظن أن كل رجل في الرواية كان ذكراً لا رجلاً، كانت الأنثى مبتغاه ولا يهمه أن تكون عجوزاً أو امرأة أو كانت طفلة.. المهم أن تلبي له رغبته الجنسية التي فضحتها أحداث الرواية، ولا يهم الرجل أن تكون الأنثى بغية أو أمة أي لا أصل لأسرتها ولا حسب ولا نسب.. وهذا أسوأ ما يعاني منه المجتمع في الرواية بل معظم المجتمعات العربية التي لا يزال جزء منها تمارس الجنس وتلد خارج نظام الأسرة، والأسوأ ان تعرف الأم بمصير ابنتها الطفلة التي رمتها في حضن رجل كبير السن..

إن الرجولة المقابلة لهذه الذكورة هي أن الكل يريد أن يكون العمدة أن يكون الزعيم أن يكون رطل القبيلة وعلى الجميع أن يأتمروا بأمره.. لقد ناقشت الرواية مسألة النظام العسكري في السودان الذي استمر ستة عشر عاماً، وحروب المحتلين الأجانب على أرضه وانقسام الناس بين دولتين تتحاربان على أرضهم.. وهذا أسوأ ما يصل إليه الإنسان.. أن يساند محتلاً ضد محتل..!

باختصار.. فإن الرواية صورة ناطقة صحيحة عن السودان في فترة عانى فيها الناس ما عانوه من ظلم وقهر مقابل البحث عن الونس والسعادة التي كانت المرأة تبحث عنهما فلم تجده إلا بالحرام.

والغرق.. غرق المجتمع الباحث عن نوافذ الفرح والأمل عسى أن يحصل عليه..

قائمة المراجع

زيادة، ح. (2023). الغرق حكايات القهر والونسالعين.

" حمور زيادة "، مجلة كتارا الدولية للرواية، ( بدون تاريخ )، تم الاطلاع عليه في 10/2/2023. من موقع مجلة كتارا، رابط الموقع :

<https://kataranovels.com/novelist/%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%B1-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9>

 سامح الخطيب، " رواية الغرق للسوداني حمور زيادة.. دائرة القهر التي لاتُبقي ولا تذر"، رويترز، 07 آذار 2019، تم الاطلاع عليه في 11/2/2023، رابط الموقع:

<https://www.reuters.com/article/bookreview-as6-idARAKCN1QO1A9>

 

 

 
  • [i]  سامح الخطيب، " رواية الغرق للسوداني حمور زيادة.. دائرة القهر التي لاتُبقي ولا تذر"، رويترز، 07 آذار 2019، تم الاطلاع عليه في 11/02/2023، رابط الموقع :

<https://www.reuters.com/article/bookreview-as6-idARAKCN1QO1A9>

 

 

Pour citer cette ressource :

Lama Zoudi, " غرق المجتمع في رواية " الغرق" : حكايات القهر والونس ", La Clé des Langues [en ligne], Lyon, ENS de LYON/DGESCO (ISSN 2107-7029), avril 2023. Consulté le 25/04/2024. URL: https://cle.ens-lyon.fr/arabe/litterature/contemporaine/fiches-de-lecture/rharaq-al-mojtamae-fi-riwayat-al-gharaq-hikayat-al-qahr-wa-l-wanas