الخميس 7 يوليوز - مقاربة في مفهوم الحداثة
الحداثة الشعرية عند أدونيس
عبيد لبروزيين (الاتحاد الاشتراكي، 1/7/2022)
يرفض علي أحمد سعيد الملقب بأدونيس (1930م) النمط التقليدي من النقد، وهذا ما دفعه إلى إعادة قراءة مراحل تطور الشعر العربي، قراءة جديدة على ضوء المعطيات النقدية الحديثة، وذلك من خلال ثلاثة مستويات، وهي: مستوى الرؤيا، ومستوى بنية التعبير، ومستوى اللغة الشعرية بشكل شمولي، وليس بفكرة من أفكار يجتزئها من نتاج الشعراء، لذلك يقوم مفهوم الشعرية عند أدونيس على مجموعة من المفاهيم التي تحدد ملامح شعريته، وهي انفتاح النص، والغموض، والدهشة، والاختلاف، والرؤيا، والحركة، والزمن الشعري، وغيرها من المفاهيم الأخرى.
إنها مفاهيم تتأطر تحت مفهومين مركزيين، الثابت والمتحول، أو الأصل والحداثة، والأول يرتبط بالنظام المعرفي الإسلامي في شموليته، وباعتبار الدين مقياسا لكل شيء. فالقرآن والسنة والإجماع، معيار لفهم الشعر الجاهلي، الأصل الثاني، وبهذا يكون الأصل الأول، الوحي، غير خاضع للزمن والحركة والتاريخ، حيث نجد «أساس الإشكال المعرفي العربي أن الاتجاه الذي قال بالثابت النصي على مستوى الديني، قاس الأدب والشعر على الدين».
الحداثة.. بين النمط والتجاوز
محمد علاء الدين عبد المولى (سوريا، 3/7/2022)
يبدو أنّ الكلام في الحداثة وإشكاليّاتها لن ينتهي، حيث تتكشّفُ هذه الظاهرة كل يومٍ عن وجه جديد، أو مأزقٍ يضاف إلى جملة ما أصيبت به من مآزق. معلنةً أنّ الظاهرة نفسها قابلةٌ للكلام والتفكير الدّائمين، لعلّ مجمل نتائج هذا وذاك تساعد في فهم ماهيّة الحداثة، التي يردّد بعض مفكريها حتَّى الآن أنها غير واضحة وغير محدّدة، مع أننا نلاحظ كيف دخل مصطلح (ما بعد الحداثة) حيّز التداول بشدّة منذ عهدٍ قريب. (وقد يُرجع البعض نشوء هذا المصطلح إلى عشرات السنوات!).
الشعر الجاهلي ومشاريع الحداثة العربية: قراءة في كتاب لوهب رومية
صالح الرزوق (القدس، 3/7/2022)
يبدأ وهب رومية في كتابه «شعرنا القديم والنقد الجديد» من التشكيك بدعاوى الحداثة التي انهالت علينا دون مقدمات، ووظفت الأسطورة لتحميل الشعر العربي موضوعات من خارجه. وكان «يحدوها إيمان ساذج بكل شيء جديد مع نفور من كل شيء قديم» الأمر الذي جعلها تقوم على «مشاعر بغيضة بالزهو والخيلاء والإحساس بالأرستقراطية». لكن في رأيي لا يوجد مشروع موحد للحداثة العربية. ولا أعتقد أنها تحض على عزلة المثقف أو تعالي النخبة. وكان الاختباء وراء جدار اللغة هو الذي يبني جدارا وجوديا بين الإنسان وحياته. فالمعرفة لا تتطور دون تطوير أدوات التعبير عنها، وإن بالغت بعض الاتجاهات الحداثية بتفكيك العقل وتدميره، فقد حددت بعض الاتجاهات الكلاسيكية مكان إقامة الوجدان وحجرت عليه داخل مساحة ميتة ومعزولة من التاريخ. وقد توزع مشروع الحداثة العربية بين تفكير ليبرالي وضع حدا لوصاية العقل التاريخي على التعبير، وأساليب تؤمن بدور التفسير في إنتاج محاكاة لرؤيا وليس لوضع قائم. وعليه يمكن للأفكار الجديدة أن تكون ذات موقف سياسي معارض لدورة الواقع. بتعبير آخر مثلما يمكن أن يخدم الشيء الجديد الاتجاه الثوري، يمكنه خدمة التفكير السلفي.
هل كانت الحداثة الفنية العربية سابقة على النهضة؟
فريد الزاهي(ضفة العربي، 5/7/2022)
دأب مؤرخو الثقافة العربية، في حديثهم عن النهضة الفكرية والأدبية في مجتمعاتنا الحديثة، على الإعلاء من شأن روادها من قبيل محمد عبده والأفغاني والكواكبي وقاسم أمين وغيرهم، وفي كلامهم عن الحداثة الثقافية دأبوا على ردها إلى المفكرين والكتاب والروائيين وأحيانًا إلى بعض الساسة؛ وكأن منتجات اللغة كانت لوحدها وراء التحولات الثقافية بالعالم العربي. والأدهى من ذلك أن الفنون البصرية عمومًا، من رسم وتصوير تشكيلي ونحت، تخضع في هذا التاريخ الثقافي، الذي يفصلنا عن بداياته ما يقل عن القرنين بقليل، إلى تعامل خاص وأحيانًا إلى تهميش مقصود، كما لو أنها مجال تبلور خارج التاريخ الثقافي العربي، أو كأنها خلفية باهتة منفصلة عن هذا التاريخ، لها مسار خاص لا يرتبط لا من قريب ولا من بعيد بما يمكن أن يشكل مصائر الإنسان العربي.