في مديح الشعر... ومتعة الكتابة
جريدة الشرق الأوسط
الثلاثاء - 11 مايو2021 - رشا أحمد
«متعتي في الكتابة... عن اللغة والشعر والنقد والأصدقاء» هو عنوان كتاب الناقد الأكاديمي المصري د. محمود الربيعي. وعلى الرغم من التنوع الذي يوحي به العنوان الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، فإن السمة التي تغلب عليه هي الحديث عن الشعر، والدفاع عنه أمام بعض الآراء التي تذهب إلى أن عصره قد فات، وأننا نعيش عصر الرواية.
في بداية الكتاب، يقول الربيعي: «إن القول بأن العصر ليس عصر الشعر قول مرسل لم يخضع لتمحيص منهجي أو محاجة منطقية، ويبدو أنه يُسوَق في الصحف على أمل أن تلتقطه الحواس وتتعود على استقباله، فيكتسب شيئاً من الاستقرار يساعد على إعطائه شيئاً من المصداقية، وهو قول خطر على المستويين الأدبي والحضاري». وهو يلاحظ أن «الذين يتصايحون منتصرين للقوالب الأدبية غير الشعر، معلنين انحسار عصر الشعراء، لم يكلفوا أنفسهم عناء إرساء قواعد منهجية لدراسة هذه القوالب ذاتها، وذلك حتى ينجحوا في استمالة المتلقي على الأقل إلى جانبهم».
إن الشعر، كما يضيف، فن قديم «يملك في حوزته تاريخاً غير منقطع، وهو ظاهرة لغوية تعبيرية تصويرية موسيقية صاحبت كل الأمم المتحضرة في عصورها الشفاهية والكتابية، وأثبتت صلاحيتها لتلبية حاجات تلك الأمم من الجهتين المادية والروحية، وقد ضمنت له قوالبه المتنوعة المرنة حياة مريحة لم تدفع به يوماً إلى زوايا حرجة تجعله عاجزاً عن أن يكون صوت هذا العصر بالذات».
ثم يتساءل الكاتب: «كيف يغيب عن الذهن أن هذه القوالب، وإن اتخذت النثر وسيلة تعبير، إنما أتت جميعاً من عباءة الشعر، وأنها لا تحتل لدى القارئ قيمة تذكر إذا لم تمتلك طابعاً شعرياً في لغتها وبنائها، والأولى بالقول أن يقال إن الفن الأصيل لا ينسخه فن آخر، وإن تكامل الفنون لا تصارعها حقيقة العصر وكل عصر، وإن الموهبة الإنسانية ولود، ومن شأنها أن تبتكر من القوالب ما لانهاية له، وتوظفها جميعاً في خدمة هذه الإنسانية، وإن مقياس الحكم على ما تنتجه هذه الموهبة هو التجويد النوعي، لا محاولة الإحلال والتبديل».