هل تعم الفوضى العالم العربي ما بعد "كورونا"؟
عربي21 - 19 أبريل 2020
حسن أبو هنية
إذا كان وباء فيروس كورونا قد تتسبب بتدهور الديمقراطية والنزوع إلى الاستبداد في المجتمع الديمقراطي الغربي، فكيف سيكون الحال مع غياب الديمقراطية ورسوخ الاستبداد في المجتمع السلطوي العربي؟ وإذا كانت الإجراءات الاستثنائية في الديمقراطيات الليبرالية أدت إلى تفريط المواطنين بحرياتهم، فإن عقيدة التباعد الاجتماعي الجديدة تؤدي إلى نشوء مجتمع شمولي من الأشخاص غير الفاعلين، كما يحاجج الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين، فما هو مصير المجتمع العربي المبتلى أصلا بأنظمة استبدادية شمولية؟ تبدو الإجابات الأولية المباشرة قاطعة بأن العالم العربي ما بعد كورونا يتجه نحو أنظمة شمولية استبدادية مضاعفة، وحالة من الفوضى والاضطراب. في ظل المؤشرات بتراجع حدة انتشار وباء فيروس كورونا عالميا، والإعلان عن قرب السيطرة عليه في العديد من الدول حول العالم، فإن العالم العربي يعتبر الأقل تأثرا بالفيروس ذاته والأكثر تأثرا بتداعياته، إذ لم يشهد العالم العربي تفشيا كبيرا للفيروس. فبحسب منظمة الصحة العالمية تم تسجيل أكثر من 111 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد وأكثر من 5500 وفاة في منطقة شرق المتوسط؛ التي تشمل 22 دولة وتمتد من المغرب إلى باكستان باستثناء الجزائر، في حين تجاوز عدد الإصابات في العالم المليونين والوفيات 140 ألفا، ومع ذلك كانت الإجراءات المتبعة عربيا الأكثر صرامة وقسوة وتأثيرا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما سيترك آثارا راديكالية خطيرة أشد خطورة من فيروس كورونا ذاته. لقد استغلت أنظمة عربية عديدة الوباء للتخلص من التظاهرات والحراكات الاحتجاجية، من خلال فرض قوانين الطوارئ والأحكام الاستثنائية، لكن الانتفاضات العربية في الموجة الثانية من الربيع العربي التي انتفضت على الوضعية الاستبدادية وحالة الفساد وشيوع الفقر والبؤس، سوف تجد أسبابا إضافية للتظاهرات، مستغلة الطريقة السيئة التي عالجت فيها الحكومات الأزمة.