الخميس 29 يونيو 2023 - طقوس رحلة الحج
حجاج بيت الله: من دمشق إلى الأراضي المقدسة
فيصل خرتش (ضفة العربي الجديد، 29/6/2023)
موكبهما يبدأ من دمشق في الثامن من شهر شوّال، وطريقة الاحتفال بهما كانت تتمّ بوضع المحمل على جمل مخصص له، ويرفع الصنجق على سارية خاصة به، والمحمل: هو هيكل مغطى بقماش مخملي أخضر، كتبت عليه بالقصب آيات من القرآن، يحمله جمل مزين بأقمشة مزركشة وجلود جميلة، خيطت عليه أصداف صغيرة ومرايا، يرافق أمير الحج من دمشق إلى الأماكن المقدسة في الحجاز، أمّا الصنجق: فهو علم النبي (ص)، كان يحمل على جمل ويمسك بهذا الجمل موظف خاص يلبس هندامًا مزركشًا، وكان الدمشقيون يحترمون هذين الجملين ويتمسحون بهما تبركًا ويخرج موكبهما من دمشق إلى الحج في السادس عشر من شهر شوّال.
أغاني موسم الحج : القلب يعشق كلّ جميل
عصام سحمراني (العربي الجديد، 28/6/2023)
على هامش الطبيعة الروحانية للحج، وفي قلبها أحياناً، يبرز الإنشاد والغناء تعبيراً عن تعلق المسلمين بهذا الركن الأساسي من دينهم، وعن فرحتهم الكبرى بأدائه، مختلطة بالخشوع والتقرّب من الله والنبي محمّد. بعيداً عن الإنشاد ذي الصبغة الدينية الخالصة، فإنّ الأغاني، لا سيما الشعبية، بما تحمل من طابع عفوي شفوي متوارث، وإن سُجلت لاحقاً، تستحضر مختلف عناصر رحلة الحج، من التجهيز لها إلى السفر والوصول إلى مكة، ثم المدينة المنورة، وما بين العاصمتين المقدستين من مشاعر من طواف وتلبية، وسعي، ورجم، وتضحية وغيرها.
لعلّ أبرز أغنية شعبية في هذا الإطار، تبقى تلك الموروثة منذ عهد بعيد في مصر، وغنتها قديماً فاطمة عيد، بعنوان "رايحة فين يا حجة؟". وقبل سنوات، أعاد كلٌّ من رباب ناجي وهلا رشدي غناءها بصيغة مختلفة قليلاً. في الأغنية، مدائح نبوية معهودة كما في الصلاة على النبي المتكررة، وعبارات من قبيل "كان يلاغي القمر محمد وبيفهم لغاتو". لكنّ الجانب الاجتماعي واضح من خلال سؤال الحاجة المسافرة سؤالاً بلاغياً: "رايحة فين يا حجة يا أم شال قطيفة؟"؛ ما يدلّ على طريقة لبسها وإلى حدّ ما بيئتها المجتمعية، ومن خلال الإجابات البريئة التي تدلّ على الإيمان الشعبي البسيط، من قبيل "رايحة زور النبي محمد والكعبة الشريفة"، أو الطلب من فاطمة الزهراء ابنة الرسول أن تفتح للحجيج الباب كي يزوروا والدها "فاطمة يا فاطمة يا بنت نبينا افتحي البوابة دا بوكي داعينا"، أو تحميلها الدعاء "وادعيلنا يا حجة وانتي على عرفات وبتزوري النبي الغالي وبترمي الجمرات". كما أنّ فيها جانباً تعليمياً ابتدائياً، في ذكر المشاعر المقدسة، من الصلوات والدعاء ورمي الجمرات وجبل عرفات وبئر زمزم وغيرها.
محمل الحج الشامي... طريق "الزيت والشمع" بين دمشق ومكة
مصطفى رستم (اندبندنت عربية، 27/6/2023)
من نافذة الطائرة يمكن لقاصدي مكة والمشاعر المقدسة رؤية الصحارى والوديان وهي تطويها أكثر وسائل النقل تطوراً. لن يشعر الحجيج وسط عمل أجهزة تكييف توفر مزيداً من الراحة والاسترخاء لهم بمرور الوقت أو حرارة الطقس، متجاوزين إلى حد شاسع مشقة السفر وأهواله، فليس عليهم سوى الصبر لسويعات قليلة تفصلهم عن مقصدهم نحو أداء مناسك الحج.
في دمشق ومع نبش ذاكرة المدينة وذكرياتها مع رحلة الحج لن يبدو السفر كما عليه قبل قرن مضى، حين كانت الجمال والبغال الوسائل المتاحة والوحيدة للسفر، ومعها ولد "محمل الحج الشامي"، لتستغرق الرحلة قرابة أربعة أشهر متواصلة ذهاباً وإياباً.
بدأت حكاية "محمل الحج" عندما كانت تتجمع قوافل الحج في مدينة دمشق، جنوب سوريا، حيث تلتقي قوافل المسلمين الواصلة من آسيا وجنوب أوروبا لتلتقي بالمحمل الشامي، وحين تكتمل القوافل تنطلق بقافلة واحدة إلى مكة.
رحلة الحج بين ابن بطوطة وحمد الجاسر
عبد الله الرشيد (المجلة، 27/6/2023)
في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1972 شعر المؤرخ والرحالة والأديب حمد الجاسر بحاجة إلى الراحة والاستجمام، وترك المطالعة والكتابة لفترة من الزمن، فسافر إلى القاهرة، وأمضى فيها قرابة أربعين يوما، وبقي مترددا على مستشفى مصر الجديدة الذي كان يدعى "مركز العلاج التخصصي" يعالج فيه بالتدليك وغيره آلام الظهر. لكن شخصية العالم الباحث الشغوف لم تجد راحتها في هذا الانقطاع، واتضح له أنه لا يستطيع الصبر عن المطالعة. فعقد العزم أن يواصل مشروعه الكبير في دراسة كتب الرحلات المتعلقة بالحج، ولكي يُتم عمله كان عليه أن يحصل على أكبر قدر من الكتب والمخطوطات، فقام برحلات مكوكية بين دول العالم، ومكتبات المدن والعواصم، وأروقة المتاحف والجامعات ومستودعات الكتب، كي يصل إلى أكبر قدر من كتب الأدباء والعلماء والمستشرقين والرحالة الذين وثّقوا ذكريات رحلاتهم لأداء مناسك الحج والعمرة، وزيارتهم للمدينة المنورة. يرى الجاسر أن تلك الكتب هي كنز معرفي ثمين، ففيها "من المعلومات المتنوعة عن تاريخ بلادنا، وجغرافيتها، ومختلف أحوالها ما لا يوجد في غيرها من المؤلفات"، فيمم وجهه ابتداء نحو بلدان المغرب العربي، فأهلها في رأيه تفوّقوا على المشارقة في هذا المجال، حيث أنّ هناك عشرات المؤلفات عن الرحلات لأولئك العلماء لا تزال مخطوطة، ومكتبات المغرب العامة والخاصة تحفل بكثير منها.
درب الحاج المصري قوافل الأيام العشر إلى مكة
مي إبراهيم (اندبندنت عربية، 26/6/2023)
طريق شاق ودرب طويل كان يقطعه المسلمون المتوجهون إلى أداء فريضة الحج في عصور قديمة، حين كانت القوافل تشق الصحراء حاملة المشتاقين لزيارة الكعبة ضمن رحلة تستغرق كثيراً من الوقت وتمر على بلاد عدة حتى تصل إلى مكة ليؤدي الحجاج الشعائر ويعودوا إلى بلدانهم من نفس الطريق الطويل.
بين محطات عدة كانت مصر نقطة رئيسة في طريق الحجاج القادمين من الأندلس وبلدان شمال أفريقيا، إذ كانت القوافل تسير بمحاذاة البحر المتوسط مروراً بليبيا ومن ثم مصر التي كانت معبراً أساسياً للحجاج الذين يمرون بدرب الحاج المصري حتى الوصول إلى البحر الأحمر ومن ثم استكمال الرحلة للوصول إلى مكة، كما كان يصاحب تجمع القوافل محمل كسوة الكعبة الذي كان ينطلق من القاهرة في احتفال مهيب.
حج المغاربة قديماً كان رحلة من الأهوال قد تمتد عامين
حسن الأشرف (اندبندنت عربية، 25/6/2023)
إذا كانت المدة الزمنية التي تفصل خلال الوقت الراهن مطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء المغربية عن مكة لأداء مناسك الحج تقترب من ست ساعات عبر الطائرة لقطع مسافة تتجاوز 5 آلاف كيلومتر، فإنه في زمن "المغرب القديم" كان الحجاج يقطعون المسافة ذاتها خلال أشهر عدة، بل كان كثير منهم لا يصلون إلى الحج ويلقون حتفهم في الطريق إلى هناك.
وتحفل بعض كتب التاريخ المغربي التي توثق رحلات الحج في أزمنة سابقة بكثير من الأحداث والأخطار والأهوال التي كان يواجهها الحجاج المغاربة في "الطريق المقدس" صوب مكة، خصوصاً أنهم كانوا يمتطون الدواب أو يقطعون المسافات مشياً على الأقدام.
كان مسار الحجاج المغاربة في الزمن القديم ينطلق، وفق مؤلفات تاريخية اهتمت بمسارات الحج من قبيل كتاب "الرحلة العياشية للبقاع الحجازية.. ماء الموائد" لصاحبه الرحالة الفقيه المغربي أبو سالم العياشي، من الجنوب المغربي في اتجاه جنوب الجزائر، كما كان هناك مسار آخر ينطلق من شمال البلاد صوب الجزائر ثم تونس فليبيا ثم إلى مصر باتجاه مكة.
وتبعاً لهذه المصادر فإن الحجاج المغاربة كانوا في أزمان خلت يتزودون بما يحتاجون إليه من مدينة سيجلماسة جنوب البلاد، وهي مدينة تاريخية كانت تقع وسط واحة كبيرة قبل أن تتحول حالياً إلى أطلال أثرية، ويتجهون إلى ورقلة في جنوب الجزائر لشراء اللحم لأكله والإبل لامتطائها.
قبل التكنولوجيا.. كيف كانت رحلة الحج قديمًا؟
(رؤية الإخبارية، 23/6/2023)
يعيش العالم الإسلامي حاليا، أجواء روحانية مع بدء موسم الحج، الذي يتجه فيه آلاف الحجاج من المسلمين لأداء تلك الفريضة الجليلة في بيت الله الحرام.
وبخلاف التكلفة المادية لشعيرة الحج، كانت رحلة الحج شاقة للغاية وعسيرة، وتطلب صحة وصبرًا، بسبب وسائل المواصلات البدائية، والطقس الحار في مكة ومنطقة الحجاز عموما، كما لم تكن الطرق لأداء الشعائر في الأماكن المختلفة ممهدة أو مهيأة المرافق.