الثلاثاء 16 مايو - مثقفو السودان في مواجهة الحرب
كيف تحولت الخرطوم في عيون أدبائها؟
حاتم الكناني (اندبندنت عربية، 10/5/2023)
ألقت حرب 15 أبريل (نيسان) بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بأوزارها على العاصمة الخرطوم، ذات الأجزاء الثلاثة التي يفصل بينها النيل بفروعه: الأبيض، والأزرق، والنيل الرئيس المتكون من جماع النهرين. وبين فروع النيل نمت الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، كمدينة واحدة تربط بينها 10 جسور.
لجأ كثير من سكان العاصمة، للهرب من الحرب، بعضهم إلى ولاية الجزيرة القريبة جداً إلى العاصمة، وآخرون إلى الولاية الشمالية، وبورتسودان شرق السودان، ومنهم من اتخذ الخروج من البلاد طوق نجاة لماله وعياله، واتجه إلى مصر أو إثيوبيا أو جنوب السودان.
تغيرت ملامح المدينة، والطرقات والأسواق التي دمرت بفعل الحرب، فالمدينة التي كتب فيها وعنها الشاعر المصري، صلاح عبدالصبور، قصيدته "سمرا"، وغنى كلماتها الفنان السوداني سيد خليفة، بمناسبة مؤتمر اللاءات الثلاثة الذي انعقد فيها، عام 1967، لم تعد كما كانت حديقة نيلية يأوي إليها سكان أقاليم السودان لمختلف المقاصد.
مسن سوداني اختار "الكمنجة" لمواجهة الحرب (فيديو)
كمال عثمان (ارم، 5/5/2023)
عزة في هواك نحن الجبال.. بلحن هذه الأغنية الوطنية الرائدة، يحمل العم السوداني عصام الدين آلته الموسيقية، وكأنها تنطق عن أوجاعه، وما آلت إليه الأوضاع في بلاده.
لا يتوقف العم عن العزف، حتى في ظل أصوات القصف المدوي، الذي دمر الكثير من مباني حيه، وكأنه حول كل ذلك لخلفية درامية مفزعة، معلنا رفضه بهذه الكمنجة البسيطة عن هذا الصراع، الذي سيدفع هو وباقي الشعب السوداني فاتورته، وليس أحدا آخر.
عصام الدين الأمين، تحدث لـ"إرم نيوز" عن الظروف الحالية، وما لها من أثر لن يزول على المدى القريب، متمنيا أن يكون كل هذا مجرد كابوس، أو غيمة سوداء عابرة.
أزمة السودان في عيون مثقفيه
سماح رياض (ارم، 10/5/2023)
يرى عدد من مثقفي السودان أن الصراع الذي اشتعل في البلاد، كان حتميا وتعود جذوره إلى عدة عوامل.
ويقول الكاتب عبدالله الأسد إن جذوره تعود إلى عدة عوامل تاريخية واجتماعية وسياسية، منها الصراعات في دارفور وجنوب السودان والمناطق الحدودية الشمالية والشرقية، والتي تتعلق بالتمييز العرقي والديني والنزاعات الأرضية والموارد والسياسة والسلطة.
ويؤيده الكاتب منصور الصويم في أن الحرب كانت متوقعة، وتعود إلى أخطاء كبيرة منها في عهد البشير وأغلبها أبعد من ذلك، يعود إلى تأسيس الدولة الوطنية السودانية في عام 1956، وما صاحبها من أخطاء تأسيسية ترجمتها حالات الانقلابات العسكرية والحروب الداخلية المتكررة، وفشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق توافق سلمي وعادل بين أقاليم السودان المختلفة، الحرب الأخيرة ما هي إلا ترجمة لحالة فشل الدولة السودانية منذ لحظة ميلادها إلى الآن.
محمد الفيتوري... صوت "الزنوجة" في الشعرية العربية
زيزي شوشة (رصيف 22، 7/5/2023)
هذه المرة، ينهض اسم الشاعر السوداني محمد الفيتوري من الموت والنسيان المُر، عبر موتٍ آخر، أشد وطأة ودموية، حيث توفيت زوجته آسيا عبد الماجد رائدة المسرح السوداني، منذ يومين بالخرطوم، متأثرة بجروحها إثر إصابتها بشظية طائشة بعد استهداف مبنى مؤسستها "أم إيهاب" للتربية والتنشئة الاجتماعية بقذيفة. ولم تتمكن أسرتها من سحب جثمانها ودفنه في المقبرة، وتم مواراتها الثرى داخل حوش المؤسسة.
وقد نشر رواد موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، خبر وفاة الفنانة آسيا، مع صورة لها، بجوار زوجها الشاعر الراحل، باعتبارهما رمزين ثقافيين، خاضا نضالاً طويلاً، من أجل حرية وطنهما، الذي انفتح جُرحه من جديد عبر الاضطرابات السياسية والعسكرية الأخيرة التي تحصد يومياً عشرات القتلى والجرحى.
كتابة الحروب
أمير تاج السر (القدس، 30/4/2023)
منذ أكثر من أسبوعين وثمة حرب عبثية، شديدة الوطأة، تدور في السودان بين سلطتين عسكريتين طامعتين، دون أن يكون للمواطن العادي البسيط، أي دخل ولا رأي فيها، ولا وسيلة دفاع أو حماية منها يتكئ عليها.
وكانت النتيجة أن وطنا عظيما ممتلئا بالخيرات كلها، وبدلا من أن يزدهر أكثر، جف تماما، وحياة صاخبة كانت تدور في البيوت والشوارع، رغم المعاناة التقليدية العادية الموجودة في أي بلد في العالم الثالث، انطفأت، وابتدأت مشاوير البحث عن ملجأ، ولقمة عيش، وأمان حتى لو كان مؤقتا، عشرات الناس ماتوا، ولا يعرفون لماذا ماتوا، ومئات الآلاف تركوا مساكنهم التي أسسوها بعد سنوات من الكفاح والتوفير والسفر والاغتراب، لتبقى هكذا بلا حراسة ولا روح. ويتجمع أهلها في المعابر والقرى والأرياف البعيدة، يملؤهم القلق والترقب.
مثقفو السودان في نداء للبرهان ودقلو عبر«الغد»: أوقفوا القتال فورا.. الدولة تنهار
أحمد مجدي همام (الغد، 23/4/2023)
يتمتع السودان بتاريخ حضاري عريق. فهناك على ضفاف النيل، وفي المدن المجاورة، نشأت ممالك وسلطنات ودول عدة، راكمت إرثًا ثقافيًا ضاربًا بجذوره في أرض كوش والبجة وسنار ودارفور، إرث عريق وعريض يصعب الإلمام بكل أطرافه وتفاصيله.
ارتكزت الشخصية السودانية المعاصرة على هذا الإرث الحضاري العريق، ما سمح لهذا البلد العربي الإفريقي بأن يكون حاضنة لعدة أعراق وديانات وطوائف.
إلا أن البلاد شهدت في الخامس عشر من أبريل نيسان الجاري، اندلاع قتال عنيف بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، إثر خلاف واضح بين الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، ونائبه الفريق أول ركن محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع.
الرواية السودانية تتنبأ بالحرب وتسرد مآسيها المتوالية
حاتم الكناني (اندبندنت عربية، 21/4/2023)
برز أدب الحرب في السودان شعرياً، بوصف الشعر السوداني التعبير الأقدم عن التحولات الاجتماعية في سودان السلطنة السنارية (1504- 1821) وما بعدها. ورصد الناقد السوداني محمد محمد علي (1922- 1970)، في مؤلفه "الشعر السوداني في المعارك السياسية 1821- 1924"، إسهام الشعر القومي (الدارجي)، والشعر الفصيح، في نضالات السودانيين للتحرر من الاستعمار. وتناول محمد محمد علي الفترات السياسية منذ المهدية، وما قبلها، إذ ارتبط الشعر آنذاك بمعارك التحرر من المستعمر. ولا تُذكر معركة شيكان (1883)، إلا مقرونة بقصيدة الشيخ محمد عمر البنا (1848 – 1919)، التعبوية، التي شاع أنه ارتجلها أمام الجيش بحضور قائد الثورة المهدية في السودان، محمد أحمد المهدي، قبيل المعركة بلحظات ضد جيش هكس باشا الغازي، ويعدها النقاد إحدى "إلياذات" التاريخ السوداني، ومطلعها: "الحرب صبر واللقاء ثبات والموت في شأن الإله حياة".
ماذا فعل العسكر السوداني بالناس الطيبين؟
محمد حجيري (المدن، 28/4/2023)
لا أدري ما الذي يمكننا قوله أو تأويله أو استنتاجه من النزاع الحربي بين الجنرالات أو العسكر في السودان، وما الذي يمكن قوله عن السودان نفسها... وهل بإمكاننا إضافة شيء على ما قلناه وعشناه بعد حروب اليمن وسوريا وليبيا والعراق وصولاً إلى تصدّع لبنان وانحلاله وتحلله. هذه البلدان التي توهمنا أنها تعيش "التغيير" نحو الأفضل، فإذا بها تنحدر نحو الركام و"الانهيار المديد"، اقتباساً من عنوان كتاب لحازم صاغية.
السودان البلد التي تعلمنا في كتب الجغرافيا المدرسية بأنها "أكبر بلد عربي" من حيث المساحة، وأنها لو زُرعت لأطعمت معظم سكان البلدان العربية، هي بلد الثروات التي يمر فيها نهر النيل، لكن ما تعلمناه بقي في إطار التمني وثقافة "لو"، التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فكثر ممن سافروا وسكنوا في العاصمة الخرطوم، انتبهوا جيداً إلى حالة الفقر والحرمان والتهميش التي تعيشها هذه البلاد، وتحول جانب من أراضيها الشاسعة بؤرة للاستثمار الرخيص في السنوات الأخيرة، بينما قسم من سكانها ينام في الشارع والزوايا، أو يلجأ للعمل في "العالم السفلي" حول العالم... وفوق ذلك، كانت بلاد السودان ساحة للحروب المستعرة وموبقاتها، من الحرب الأهلية والعرقية في الجنوب إلى حرب دارفور ومجازرها وصولاً إلى حرب الجنرالات الآن، والتي تشبه إلى حد ما جانباً من "حروب الآخرين على أرضنا" في لبنان... وما بينهما طغيان العسكر ومقصلاته، من جعفر النميري إلى عمر حسن البشير وورثته، وقد فتكوا بحاضرها ومستقبلها تحت مسميات مختلفة...