الجمعة 15 ديسمبر2023 - تفاعل الأدب مع التغيّرات المناخيَّة
هل ينعكس تغير المناخ والاحترار والكوارث الطبيعية في الروايات العربية؟
خلود الفلاح (الجزيرة، 11/12/2023)
في عالم يشكل تغير المناخ والاحترار العالمي فيه ظاهرة تؤثر على مختلف جوانب الحياة المعاصرة، تدور أسئلة عديدة بين الأدباء والنقاد لا سيما بعد موجة الكوارث الطبيعية التي عرفها العالم العربي مؤخرا.
فهل ستشكل التغيرات المناخية مجالا خصبا للرواية العربية بعد الزلازل والفيضانات والحروب أيضا، خاصة لو افترضنا أن القارئ يهمه قراءة تأثير تلك الأحداث على البشر والحياة بكل تراكماتها، وهل سنقرأ روايات عربية داعمة لسياسات تغير المناخ والحفاظ على البيئة؟
الأدب إنساني دائما
يقول النقاد إن النصوص الأدبية التاريخية تعكس الظروف المناخية التي أنتجتها. بمعنى أن الأدب لا يعكس فقط وجهات النظر المتغيرة تجاه الطبيعة، بل يشكل هذه الآراء أيضا، ويمكن أن تساعدنا دراسة النصوص التاريخية في فهم كيف تطورت المواقف الثقافية الحديثة تجاه البيئة، مما يجعلنا قادرين على تحسين موقفنا تجاهها وتغير سلوكنا للأفضل.
https://www.youtube.com/embed/vuPyrz7ZXIw
كيف تفاعل الأدب مع التغيّرات المناخيَّة؟
باقر صاحب(الصباح، 14/12/2023)
من البديهي القول إنَّ الأعمال الأدبيَّة التي تتنبأ بما سيؤول إليه العالم مستقبلاً، تنتمي إلى أدب الخيال العلميّ، وهنا يمكن القول إنَّ كل السياسات المسؤولة عن معالجة القضية العالميّة الأولى راهناً، ألا وهي آثار التغير المناخي، يجب أن تكون لها عينٌ مبصرةٌ بما يكتبه الأدباء والروائيون والقصاصون خاصة في هذا المجال، على وفق ما قال أحد رواد النهضة العربية عبد الرحمن الكواكبي (1855-1902)، بأن إحدى وظائف الأدب “تنبيه الناس ورفع الالتباس” عن التحديات التي تواجه الإنسان في كل مكانٍ وزمان.
فما كتبه الأدباء ليس بالضرورة أنه كان متزامناً مع اشتداد المحاذير الآن من الاحترار العالمي، بل تمّ تناوله قبل عقود من الزمن. ولذلك ليس من المبالغة الإطلاق على الأدب صفة” عرّاف التغيّر المناخي”، هذا ما ذكره موقع “الجزيرة نت” في تقريرِ مفصّلٍ عن هذه الموضوعة بتوقيع الكاتب وهيب الخطيب. ولأهمية التناول الأدبي لقضية تغيّر المناخ، ونتيجة لتعدد الأعمال الأدبية في هذا المضمار، بات هناك ما يسمّى أدب “الخيال المناخي” على غرار تسمية الخيال العلمي.
ونرى أن كلَّ حقبةٍ تاريخيةٍ عالميةٍ، لها خصائص سياسية وعلمية وتكنولوجية ترسم طابع أدب الخيال العلمي في تلك الحقبة. أدب الخيال العلمي يعني أنَّ له قصب السبق في تناول ظاهرةٍ تتحقق فعلياً بعد عقودٍ من الزمن قد تطول أو تقصر. أما ما يُنتج من أدبٍ تكون موضوعته متداولةً راهناً على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، يصبح هنا أدباً مسايراً، يتناول تداعيات حقيقية، لأدب التغيّر المناخي، بحسب موضوعتنا في هذا المقال.
تناول التغيّرات المناخية المتطرفة له جذورٌ تاريخيةٌ في الأدب العالمي، بحسب ما يذكر أكاديميون بحثوا آثار تلك التغيرات، في نصوص كُتبت قبل قرونٍ عدة، ويستشهدون برواية “سنة دون صيف” للكاتبة الانكليزية ماري شيلي (1797-1851)، وصدرت في عام 1816، حيث تتحدث عن انخفاضٍ حادٍّ في درجات الحرارة، ما أدى إلى موت المحاصيل الزراعية نتيجة الانجماد، وسبّب في نقص الغذاء في انجلترا، وفي نصف الكرة الشمالي عامة. ويُدرج أيضاً في مجال النصوص المناخية، ما كتبه الكاتب الفرنسي غوستاف فولتير( 1821- 1880)عن زلزال لشبونة عام 1755، وفيها تركيز على تعامل الإنسان مع الكوارث الطبيعية.
الأدب.. عراف التغيّر المناخي
وهيب الخطيب (الخليج، 28/11/2023)
الكتابات اﻷدبية والسردية يمكن اعتبارهما آلتي زمن تلتقطان الفروق الدقيقة والعواطف بوضوح من نقطة بعيدة في التاريخ. ومؤكد أن السرد، أو القصّ يلهم الناس، ويجعلهم يفكرون في بعض الأحيان على نحو مختلف، كما يحفزهم على العمل، وهنا يمكن القول إن الروايات المستقبلية والقصص القصيرة تتمتع، على وجه الخصوص، بوضع لافت في التنبؤ لما يمكن أن يكون عليه المستقبل، إنها بمعنى ما، تمتلك عينيّ زرقاء اليمامة في قدرتها على التحذير من مخاطر المقبل.
تاريخياً، غذت المخاوف العالمية في حقبة الحرب الباردة السرد الروائي في أواخر القرن العشرين، كما ألهمت الثورات التكنولوجية والميكانيكية السريعة في القرن التاسع عشر، كلاسيكيات السرد العلمي لكل من الكاتبين الإنجليزي هربرت جورج ويلز، والفرنسي جول فيرن، ولدينا الآن معرفة عميقة وحميمة بالعصور الماضية بسبب الأدبيات التي كتبت عنها، وبالنسبة إلى الأجيال القادمة، فإن روايات تغيّر المناخ التي انتشرت مؤخراً، ستكون نافذتها على حاضرنا