الثلاثاء 13 يونيو - الروائي المصري حمدي أبو جليل.. رحيل مفاجئ يصدم الوسط الثقافي
حمدي أبو جُلَيّل مُغادراً شوارع القاهرة وحكاياتها
محمد علاوة حاجي(العربي الجديد، 13/6/2023)
"كنتُ، كأيّ صحراوي، خائفاً ومكروباً لا يشغلني في القاهرة سوى مكانَين: المكانُ الذي أُقيم فيه، والمكان الذي أضطرّ للرحيل إليه؛ والشوارع والمسافات الفاصلة بينهما كانت، كما السفر، قطعةً من جهنّم". هكذا يبدأ الكاتب المصريّ حمدي أبو جُلَيّل، الذي غادر عالمنا صباح الأحد الماضي، كتابَه "القاهرة: شوارع وحكايات"، الصادر عن "الهيئة المصرية العامّة للكتاب" عام 2008، بالحديث عن علاقته بالمدينة التي انتقل إليها مطلع الثمانينيّات، تاركاً وراءه أكبرَ واحة طبيعيّة في مصر؛ الفيّوم في شمال الصعيد؛ حيث وُلد عام 1967.
سيجد أبو جليّل نفسه في "دروب لا تختلف كثيراً عن دروب الصحاري: نفسُ الجهامة والقسوة والترقّب، ونفس التهديد بشراك الطبيعة والبشر المختبئة في كلّ جانب"، وسيفكّر في طُرُق تسمح له بالقفز من مكان إلى آخر: طائرة شخصية أو بساط ريح أو أيّ شيء آخر يمكّنه من الوصول إلى الأماكن من دون "مرمطة" الشوارع. لكن، وبدلاً من ذلك، سيعثر على طريقة أفضل؛ هي الكتابة: "سحبتُ دفتراً صغيراً ورحتُ أدوّن معالم الشوارع بعناية فائقة. ولأوّل مرّة، أتمشّى بالشوارع باعتبارها غايةً وليست مجرَّد ممرّات مرهقة للوصول إلى الأماكن".
حمدي أبو جليل كاتب سيرة القاهرة... قاهرة «الفواعلية
محمد الخولي (الأخبار، 13/6/2023)
كانت حياته مغامرة كبيرة مليئة بالأخطار، لكنه كان يتعامل معها بطبيعة الشخص البدوي
هذه الوفاة ذاتها تشبه حمدي، كأنها نهاية بطل رواية يكتبها، أو خدعة من خدعه الأدبية التي تميّز بها في أعماله، لكن أي خدعة في الموت؟ فصاحب «لصوص متقاعدون» (2002) امتلك روح محبّة للفكاهة والسخرية، سواء في الكتابة أو الحياة. ظهر ذلك في طريقة سرده لأبطاله وعوالمهم، بجرأة أدبية مكّنته من اقتحام عوالم بكر، متعمّقاً في فهم الشخصيات
الروائي حمدي أبو جليل رحل حاملا معه ذكريات الفيوم
سيد محمود (اندبندنت عربية، 12/6/2023)
ودعت الأوساط الثقافية في مصر أمس الأحد الروائي المصري حمدي أبو جليل الحائز جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية، الذي توفي عن 56 سنة، وتم تشييعه في مسقط رأسه في محافظة الفيوم. وعبر مبدعون مصريون عن حزنهم الشخصي لغياب أبو جليل الذي كان فاعلاً في الأوساط الأدبية، سواء عبر نشاطه الوظيفي في وزارة الثقافة، أو من خلال كتاباته الإبداعية التي ضمنت له مكانة متميزة بين روائيي التسعينيات، وهو كان باشر في نشر أعماله الروائية عام 1997 بعد أن ظهر عمله القصصي الأول "أسراب النمل".
وأبو جليل من مواليد عام النكسة، بدوي الأصل، فيومي المنبع، لم يكمل تعليمه الجامعي، وقدم إلى القاهرة ليعمل في مهن مختلفة، كان من بينها العمل في البناء قبل أن يبزغ اسمه في دنيا الأدب ويتم تعيينه مديراً لتحرير سلسلة الدراسات الشعبية في وزارة الثقافة. ونشر أبو جليل عام 1997 مجموعته القصصية الأولى المعنونة "أسراب النمل"، ثم نشر في عام 2000 مجموعة "أشياء مطوية بعناية فائقة" التي حصلت على جائزة الإبداع العربي في العام نفسه، وسطع اسم أبي جليل بعد روايته الأولى "لصوص متقاعدون" التي ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وأصدر عام 2008 رواية "الفاعل" عارضاً تجربته الذاتية في العمل كعامل بناء، وقد فازت بجائزة نجيب محفوظ في العام نفسه. وصدرت له كتب أخرى مثل "الأيام العظيمة البلهاء"، "القاهرة، شوارع وحكايات"، فضلاً عن روايته الجميلة "صعود وانهيار الصاد شين".
حمدي أبو جليل… الموت يغيّب صاحب الروح المبتسمة
هبة إسماعيل (رصيف 22، 12/6/2023)
بعد ساعات قليلة من منشور كتبه عبر حسابه الخاص، ينعي فيه المناضل المصري الراحل جورج إسحق الذي غيبه الموت في 9 يونيو/ حزيران الجاري، رحل عن عالمنا فجأة الروائي المصري حمدي أبو جُليِّل، الذي نقلت كتاباته - من بين كتاب قلائل- جوانب مجهولة من المجتمع المصري، وتحديداً الثقافة البدوية التي كان ينتمي إليها ويعتز بها رغم اختلافه مع كثير من مظاهرها.
ولأن روحه المرحة وميله للسخرية والعبث كانا دوماً علامة على شخصيته، ظن أصدقاؤه ومحبوه في البداية أن خبر وفاته كان مُزحة مدبرة منه؛ لكن إعلان ابنته هالة الخبر عبر صفحتها الشخصية أكد لهم أن صديقهم الروائي الحاصل على جائزة نجيب محفوظ للإبداع الروائي قد رحل عن عالمنا.
رحيل الروائي حمدي أبو جليل... صاحب «لصوص متقاعدون
رشا أحمد (الشرق الأوسط، 11/6/2023)
صدمة وحالة من الحزن والأسى مُنيت بها، أمس، الحياة الثقافية في مصر، على أثر الرحيل المفاجئ للكاتب الروائي حمدي أبو جليل، عن عمر يناهز 57 عاماً، وبعد حياة أدبية حافلة بالعطاء والتجدد، حفر خلالها بصمة خاصة في فضاء القصة القصيرة والرواية. زاد من حِدة هذه الصدمة شخصية «أبو جليل» المرحة، وروحه المُحبة للفكاهة والسخرية، والتي انعكست في طرائق سرده وبنائه لشخوصه الروائية وعوالمهم المسكونة بالمغامرة واللعب على مفارقات الحياة، حتى إن كثيرين لم يصدّقوا خبر رحيله، واعتبرها البعض مجرد دعابة، على غرار ألاعيبه الروائية، إلى أن أعلنت ابنته الكبرى هالة نبأ وفاة والدها على صفحتها بـ«فيسبوك».
رحيل الرّوائي حمدي أبو جليل... وصدمة الوسط الثّقافي المصري
علي عطا (النهار، 11/6/2023)
لم يمهل الموتُ الروائي والقاص حمدي أبو جليل حتى ينتهي من روايةٍ جديدةٍ أعلن أكثر من مرّة أنه في صدد كتابتها، وأنه يرغب في تسميتها "ديك أمي". وفي محادثة هاتفية جمعتنا قبل نحو شهر، قال لي إن دار "الشروق" متوجسة من هذا العنوان، الذي يصر عليه.
كان ارتباط حمدي أبو جليل الذي غادرنا صباح اليوم الأحد عن عمر يناهز السابعة والخمسين، بوالدته وثيقاً جداً، ولطالما كانت محور بعض حوادث عدد من أعماله الأدبية، وأحدثها رواية "يدي الحجرية"، التي استغرق نحو عشر سنوات في كتابتها.
وهو كان يخطط لأن تكون روايته التالية عن هذه الأم التي نشأت في وسط بدوي أفُلت شمس عزه في إحدى قرى محافظة الفيوم (جنوب غرب مصر).
لم يمهل القدر حمدي أبو جليل ليستمتع بالطبعتين الجديدتين لروايتيه "لصوص متقاعدون"، والفاعل" اللتين أصدرتهما مؤخراً دار "الشروق"، ولا بالترجمة الإنكليزية لروايته "قيام وانهيار الصاد شين"، والتي كانت آخر ما أنجزه المترجم الراحل همفري ديفيز واختار لها عنواناً ترجمتُه العربية هي التالي: "الرجال الذين ابتلعوا الشمس".
العجز دافع لتطور الكتابة| رحل اليوم.. نص كلمة حمدي أبو جليل بعد فوزه بجائزة نجيب محفوظ
(صدى البلد، 11/6/2023)
شكرًا للجائزة واللجنة والجامعة، يا لها من مفاجأة ويا له من فرح، شكرًا لتفهم الانحراف عن الأستاذ في جائزة الأستاذ، لا ليس الانحراف وإنما العجز.. شكرًا لتشجيع العجز، نعم العجز وليس التجاوز، التجاوز يعني القوة، يعني القدرة الجبارة على استيعاب قيمة جمالية وفكرية ثم تجاوزها ببساطة، وتطور الكتابة ـ كما أفهمه ـ يعود في جانب منه إلى الضعف، العجز عن الوفاء لشروط النماذج السابقة، أقصد طبعا النماذج العظيمة السابقة. دون كيخوته ـ الإخوة كرامازوف ـ البحث عن الزمن المفقود ـ الغريب ـ الحرافيش ـ رباعيات الأسكندرية ـ نصف حياة ـ كتاب الضحك والنسيان ـ تاريخ حصار لشبونة، إلى آخره عبر تاريخ الكتابة هناك أعمال حالفت الخلود، أعمال تجاوزت الزمن، ولم تؤثر في حضورها المتجدد المتغيرات الثقافية والحضارية، بل أن مرور الزمن يضاعف حضورها وقيمتها، ويكشف كوامن تفردها مثل الجواهر بالضبط. تلك الأعمال تدفع الكتابة دائما للتطور وارتياد آفاق جديدة ليس من خلال تجاوزها، ولكن من التسليم باستحالة تجاوزها، فالعجز عن الوفاء لشروطها القاسية، شروطها الجبارة، يؤدي إلى البحث عن مناطق جديدة، دائما أتخيل مسار الكتابة على هيئة مجرى مائي به ربوات عالية، راسخة، وعجز الماء عن المرور فوقها أو تجاوزها يدفعه الى مسارات جديدة تماما بل أحيانا مناقضة لمجراه القديم.