الجمعة 12 مايو - عودة إلى نصوص الروائي السوري حيدرحيدر
الاغتراب في نصوص حيدر حيدر ("الزمن الموحش" أنموذجًا)
أحمد العزيز الحسين (ضفة العربي، 11/5/2023)
تكاد موضوعة الاغتراب أن تكون ثيمة محورية لما أنتجه الكاتب حيدر حيدر (1936-2023) من نصوص قصصية أو روائية، وتتجلّى واضحةً في نتاجه القصصيّ والرّوائيّ كله، وإذا كانت شخصية أبو علي شاهين في روايته القصيرة (الفهد) قد ردّت على اغترابها في الريف بمواجهة الشريحة الإقطاعية، وحاولت تغيير واقعها من خلال (التمرُّد) على مستلبيها وحلفائهم؛ فقد انكفأت شخصياته الباقية على أنفسها في مجمل نصوصه الأخرى، ولاذت بدواخلها هربًا من المواجهة؛ بعد أن أدركت أنّ تغيير واقعها أمسى في حكم المستحيل بعد أن أبعِدَتْ عن صنع القرار وهُمِّشتْ، وأمستْ عاجزةً عن إحداث تغيير جذريّ فيه، وقد زجّ صاحب (وليمة لأعشاب البحر) أبطاله في حيّز المدينة، ووضع يديه على مسوّغ العطب والفجيعة في حياتهم، وجعل هؤلاء الأبطال يُخفقون في العثور على ذواتهم، ولاحق مصائرهم الشخصية، محاولًا ربطها بالحيِّز الذي تحركوا فيه، ويتبدى ذلك واضحًا في روايته الثانية (الزمن الموحش، 1973)، التي يعرض فيها بإفاضة يوميات لمجموعة من المثقفين راصدًا أزماتهم، ومتحدِّثًا عن تطلعاتهم وأحلامهم. ويبدو من خلال الافتتاحية السردية للرواية أنّ هؤلاء المثقفين مأزومون جميعًا، بحيث نمضي مع الرواية حتى نهايتها بدون أن نعثر على المسوِّغات المقنعة التي تجعلهم كذلك، وتكتفي الرواية بذكر بعض العبارات القصيرة في متنها الحكائيّ، محيلة السبب في أزماتهم إلى كونهم ريفيين يعيشون في حيّزٍ مكانيٍّ معادٍ لم يفسح لهم المجال لتحقيق ذواتهم كما يطمحون.
حوار أدبي وفكري مع الروائي السوري الكبير حيدر حيدر
رياض كمال (الاتحاد، 12/5/2023)
فارقنا يوم الجمعة الأخير بتاريخ 5.5.2023 الروائي السوري الكبير حيدر حيدر (1936-2023). قامة أدبية هامة قدمت للأدب العربي رصيدا كبيرا من الأعمال الروائية والقصصية. وجدت من المناسب اطلاع القراء على الحوار الذي كنت قد أجريته معه قبل حوالي سنتين، يكشف هذا الحوار عن مواقف أدبية، سياسية وفكرية جاهر بها، قمت بنشرها في كتابي "حوارات في الفكر والأدب" الصادر عن الدار الأهلية في عمان، 2021. وهي مثلها مثل بقية الحوارات تعبّر عن رأي أصحابها، ولا تحمل بالضرورة رأي المحاوِر الذي فتح باب التعبير عن حرية الرأي كما يقتضيه البحث العلمي. وكنت في غاية السعادة حين عرفت انه تمكن من الحصول على نسخة منه، وأسعدني أكثر رأيه الإيجابي الداعم للكتاب وفكرته.
حقول حيدر حيدر الفلسطينيّة
معن البياري(العربي الجديد، 12/5/2023)
للفلسطينيين حصّةٌ ثقيلةٌ في حيدر حيدر، صاحب المكانة الباهظة في متن الرواية العربية الحديثة. السوريّ الذي رابط على أفقٍ تقدّميٍّ ديمقراطيٍّ، مضادٍّ للاستبداد، وارتحلَ من بلده تهريبا، وأقام في غير منفى، ثم عاد بعد عقدٍ بجواز سفرٍ يمني. وفي غضونه تلك، وقبلَها وبعدَها، ظلّ على فلسطينيّته الموصولة بسوريّته. ولئن طاب لبعضِهم، ساعاتٍ بعد وفاة هذا الكاتب المجدّ المتجدّد قبل أيام، عن 87 عاما، أن يخدِش في شخصه، فإن هذه المقالة تُحاول، عبثا، أن تقطف الأرجوانات من حقوله الفلسطينيّة العديدة المتعدّدة، وأنّى لها أن تفلح، فإنها أرجواناتٌ غزيرة. وحسنا منه أنه زوّد قرّاء مدوّنته الروائية والقصصية العريضة بكتابيْن ييسّران التجوال في كثيرٍ من حقولِه وحدائقه، في تغريباتِه، في رؤاه وأفكاره، اجتمعت فيهما أشتاتٌ من مقالاتٍ ويوميّاتٍ نَشَر منها ما نَشَر منذ أزيد من 50 عاما في صحافاتٍ سيّارة. وإذا جاز أن يُعدّ "يوميات الضوء والمنفى" (2022) سيرةً طَلْقةً، وسَفرا رحبا في التجربة الشخصية مع الحياة والكتابة والمنع والقمع، فإن "أوراق المنفى ...
حيدر حيدر: حرب الثقافات السورية؟
حسين الدين محمد(القدس، 10/5/2023)
قرأت في ثمانينيات القرن الماضي، رواية حيدر حيدر الشهيرة «وليمة لأعشاب البحر» وفُتنت بشعريتها العالية، كما بامتزاج تلك الشعرية بتصوير الحالة الراديكالية والمصائر الملحمية، الكارثية أحيانا، التي آلت إليها حركات انشقاقية ماركسية مثل «الحزب الشيوعي – القيادة المركزية» (التي خاضت تجربة كفاح مسلّح فاشلة في أهوار العراق) ونظيرات لها في ساحات عربية أخرى.
من أعماله الأخرى التي نالت شهرة، روايته القصيرة «الفهد» التي أنتج فيلم عنها عام 1972، أسهمت في صناعته نخبة سورية مهمة، من المخرج نبيل المالح، إلى الشاعر ممدوح عدوان الذي ألف أغانيه (واستوحى أحداث القصة الحقيقية في مسرحيته «المخاض») والملحن سهيل عرفة الذي كتب موسيقاه، وشارك فيه ممثلون مرموقون مثل خالد تاجا وأديب قدورة (الذي مثّل دور الفهد) وقد حول الفيلم بطلته، إغراء، إلى أيقونة جنسية.
الروائي السوري حيدر حيدر يرحل في منفاه الداخلي
سامر محمد إسماعيل (اندبندنت عربية، 6/5/2023)
غادر عالمنا أمس الجمعة، الروائي حيدر حيدر عن عمر ناهز 87 سنة بعد معاناة مع المرض، وأعلن نجله الناشر مجد حيدر الخبر باقتضاب عبر حسابه الشخصي على "فيسبوك"، "الفهد غادرنا إلى ملكوته"، مستعيراً عنوان رواية "الفهد" التي كتبها الروائي السوري عام 1968 عن سيرة البطل الشعبي أبو علي شاهين، لتتحول عام 1972 إلى فيلم روائي طويل بتوقيع المخرج الراحل نبيل المالح، ونعاه اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة السورية في بيانين مطولين.
تعد روايات حيدر حيدر انعطافة في تاريخ الرواية السورية، وبمثابة سِفر خروج من رواية تسجيل الواقع وتقليده، وتمرداً على ما كان يسمى في الستينيات بالرواية الاجتماعية الوصفية، أو تلك المشغولة بالأحداث والوقائع، وكان الأسلوب التعبيري هو التغيير الجذري الذي أدخله صاحب كتاب "كبوتشي" (1978) إلى نصوصه، مولياً اهتماماً خاصاً بالعالم الداخلي للشخصيات الروائية، وغائصاً في مجالات علم النفس واللاشعور الفردي والجماعي، فقد كان الزمن في الرواية الوصفية الاجتماعية قبل حضور حيدر يجري في شكل وقائع يومية مملة على عكس الرواية التعبيرية التي كان صاحب "الفيضان" 1975 أبرز أقطابها. فقد نجح في إحالة الزمن المستمر في السرد التقليدي إلى زمن متناوب ومتقطع، محاكياً بهذا التغيير أسلوب تيار الوعي عند جويس وبروست وفوكنر وفرجيينا وولف.