الخميس 11 يناير 2024 - إلى وائل الدحدوح..
أيّ رجل أنت يا وائل الدحدوح؟
زياد بركات (العربي الجديد، 11/1/2024)
يشدّ الرجل بلحيته غير المشذّبة على يد نجله المسجّى أمامه. يقبِّل اليد، وهو يقبض عليها خشية أن تفلت، ثم يُبعدها قليلاً، وهو ينتحب، ويدنيها من فمه. يقبّلها ثانية، فيُسمع صوت نحيبه هذه المرة أكثر.
يناشدونه الصبر والإيمان والتسليم بالقدر، لكن الرجل الممتلئ الذي يبدو بطيبةٍ فائضة، الذي تُظهره الصور بسترة واقية من الرصاص يعتصم بأملٍ غامض، برقٍ خاطفٍ من السماء، يدٍ إلهية تمتدّ إليه، فيلتفت إلى من يناشده ويقول بصوتٍ خفيض، صوتٍ دامع، إن نجله يشدّ على يده، أو كأنه يشدّ عليها. يقول هذا وهو يقبض برقّة، لكن بتصميم، على أصابع الولد، كأنه يعدّها، كأنه يستقبله وقد خرج قبل قليل من رحم أمّه فيعدّ أصابعه ويتفقّد قدميْه وملامح وجهه، لكن الفتى، واسمُه حمزة، كان قد فارق الحياة، وليس ثمّة معجزاتٌ بعدُ لتعيدَه إلى أبيه.
رسالة إلى وائل الدحدوح: أنت هو الصبر عينه
محمد الشمسي (هبة بريس، 09/1/2024)
وائل الدحدوح أيها الإنسان:
أقف أنا واللغة عاجزين خائبين عن دبج كلمات تليق باصطبارك، وشدتك وتماسكك، لنصف كل هذا الكون اللامتناهي من إطاقتك وتجشمك، وقد نزل فيك من البلاوي والشدائد ما لو أحاط بدولة لنسفها وحطم أركانها وهدم بنيانها، لأمثالك لا يقدم العزاء فالعزاء دعوة لرزق الصبر، وأنت هو الصبر عينه، نحن من نحتاج منك العزاء، يعزينا التاريخ في إنسانيتنا التي انتسبنا إليها ظلما وبهتانا، فقط لأننا على هيئة إنسان، دماء وأرواح زوجتك وأبنائك وحفيدك وكل جيرانك وكل شهداء الإبادة تطوقنا الإنسانية جمعاء، وتستعلمها حد توبيخها، بأي ذنب قتلوا؟
قصيدة عن وائل الدحدوح: أخجلتنا أيوب عصرك
ممدوح سالم (درب، 08/1/2024)
هذا اصطبارُك والجروح
ما بالُ صبرِك لا يروح
أرأيت قلبًا عانق القممَ المجيدةَ في السفوح
من ذا بمثلك جرحُه
يا جرحَ قلبٍ لا ينوح
يطوي رقائقَ دمعِه فوق الثرى شهبًا تلوح
صدرٌ تعاظم مٕرجلا
إن يعتمل عظمَ الفتوح
قد تستقي الأحداقُ نهر جفونها حزنًا يفوح
أخجلتنا أيوب عصرك