الاثنين 6 مارس - "وطن اسمه فيروز" كتاب يحتفي بالصوت الملائكي
وطنٌ اسمُهُ فيروز
هنري زغيب ( النهار، 24/2/2023)
حين رغبَت إِليّ إِدارةُ التحرير لدى "مؤَسسة الفكر العربي" في كتابة نص عن فيروز يتضمَّنُها كتابٌ يُهدَى إِليها في عيد ميلادها، إِصدارًا خاصًّا من مجلة "أُفُق"، أَكبرتُ الفكرة تأْتي خارج السياق التقليدي في تكريم مَن هي اليوم عنوانٌ آخرُ للبنان في العالَم. وحين صدر الكتاب بهذه الفخامة (350 صفحة حجمًا كبيرًا، و38 نصًّا بين شهادة وتجربة وتحليل في طباعة أَنيقة لائقة)، وجاء عنوانه "وطنٌ اسمُه فيروز"، أَكبرتُ أَكثر هذا العمل، على طريقة الأَكاديميَا الرصينة باستكتاب مجموعة خبراء في موضوع أَو عن علَم، فيَمضي الموضوع ويمضي العلَم ويبقى الكتاب مرجعًا موثَّقًا لا إِلى غياب.
قياسًا، جاء نَصِّي في إقليم أَوسط بين الشهادة والخبرة والتجربة المباشرة في البيئة الرحبانية الفريدة.
فيروز: سماء الكوكب الرحباني
منذ صدَحَ صوتُها، قبل ثُلثَي قرن (1957) على أَدراج بعلبك بعد ليل طويل، أَشرقَت شمسٌ لبنانيةٌ من سكون الأَعمدة والهياكل. كان ذاك صوتَها الذي يأْتيك من كلّ مكان حتى يُحيِّرك كيف استقبالُك إِياه.
صوتها الذي ينسيك معه أَنك أَنت، كي لا تفوتك لحظة من انسكابه.
صوتها الذي ظلَّ يَنضحُ شعرًا حتى باتت سيِّدتُه "شاعرة الصوت" في سماء الكوكب الرحباني.
هذا الصوت، في عصرنا، عنوانٌ آخَر للوطن. من الأَوطان مَا يمكن تعريفُها بِاسْمٍ واحدٍ، أَو ربما بأَكثر.. نحن؟ نختصر. نقول: "لبنان" فيُجيب السامع: "يعني وطن فيروز"!
وطنٌ اسمُهُ فيروز (2 من 3)
هنري زغيب ( النهار، 28/2/2023)
في الجزء الأَول من هذه الثلاثية، مهَّدتُ للكتابة عن صوت فيروز ضالعًا في الوجدان العام، كما رأَى فيها منصور الرحباني "ظاهرةً لا تـتكرَّر: صوتُها مميَّز، إِطلاقةُ صوتها ممـيَّـزة، وكلُّ ما جاء في صوتها جعلَ منه رمزًا من رموز هذا العصر".
في هذا الجزء الثاني أُتابع تطوُّرَها الفني وما أَثَّر صوتُها في البيئة الأدبية والفنية على السواء، حملت به الإرث الرحباني فصقلتْه بأدائها ونصَّعت ما كان فيه أصلًا من نصاعة كلام ونصاعة لحن فريدتَيْن.
رسولةُ الإِرث الرحباني
هذه الفرادة في صوت فيروز وحضورها هي التي جعلتْها تحمل الإِرث الرحباني وتوصلُه إِلى آخر الدنيا، وهو ما لم يكن ممكنًا أَن يُعطى سواها بتلك المسؤُولية الرَسولية العليا.
لعلَّ قدَرَها، منذ مطالعها، كان يرسم لها هذه المسيرة، منذ سنة 1947، يومَ هي الصبيةُ الخجولُ نُهاد حدَّاد نَدَهَتْها مديرةُ "مدرسة حوض الولاية للبنات" السيِّدة سلمى قربان لتلتقي محمد فليفل الذي كان يبحث عن أَصواتٍ للكورس، تمهيدًا لإِطْلاق "نشيد الشجرة" من شِعر محمد يوسف حمّود الفائز بالجائزة الأُولى في مسابقةٍ أَطلقَتْها الحكومة عامئذٍ لإِعلانها "عيد الشجرة" سنويًّا في الأَول من كانون الأَول/ديسمبر.
وظلَّ هذا القدَر يواكبُها في الخطوات اللاحقة.. من عُهدة فليفل الذي أَوصلَها إِلى الكونسرڤاتوار، تعَّهَدها فيه رئيسُه وديع صبرا أَربع سنوات، ثم نصَحَ بانضمامها إِلى الإِذاعة اللبنانية، وفيها تعهَّدها حليم الرومي لفرادة صوتها، فجمَعَها بالعازف والملحِّن الشاب عاصي الرحباني. ومن لحظتها
كان انطلاقُها التاريخي إِلى مشروعٍ رائدٍ مثلَّث الأَضلاع: الأَخَوان عاصي ومنصور الرحباني كتابةً وتلحينًا، وفيروز نجمته الفريدة تعهَّدته أَداءً غنائيًّا ومسرحيًّا كرَّس خلوده.
وطنٌ اسمُهُ فيروز ( 3 من 3)
هنري زغيب ( النهار، 03/3/2023)
في الجزءَين الأَول والثاني من هذه الثلاثية، مهَّدتُ للكتابة عن صوت فيروز ضالعًا في الوجدان العام، وكيف كانت الأُغنية الفردية هي الوحدة الصغرى الأُولى للإِرث الرحباني.
في هذا الجزء الثالث الأَخير أَختم الثلاثية بما كان لصوت فيروز من مدى واسع بلغ المسرح والسينما وجالَ على أَكبر مسارح العالم.
تجربة مهرجان بعلبك
من وحدة الأُغنية (الجزء الثاني من هذا المقال) أَنتقل إِلى الوحدة الأُخرى في الأَدب الرحباني: المسرح.
هنا تجلَّت موهبة فيروز بالتمكُّن في الحضور رغم صعوبة المطالع. فحتى 1956 لم يكن الجمهور يعرف من فيروز إِلَّا صوتَها يصدَح سمعيًّا فائقَ العذوبة من الإِذاعة اللبنانية وإِذاعة دمشق وإِذاعة القاهرة وإِذاعة الشرق الأَدنى. حتى صورتُها في الصحافة لم تكن في التداول إِلَّا نادرًا. فما إِلَّا سنة 1953 حتى صدرَت لها صورةٌ أُولى في مجلة "الصياد".
لذا كان من الصعوبة عليها صعودُها على المسرح، ومواجهةُ جمهور عريض تغنّي له في وقْفة مختلفة تمامًا عن وقْفتها أَمام ميكروفون الإِذاعة، حتى تمَّ ذلك، لا بدون تردُّدٍ وخجَلٍ وارتباك، ليلتَي 31 آب/أُغسطس و1 أَيلول/سپتمبر 1957 على مدرج جوپيتر في هياكل بعلبك الأَثرية.
ماذا أضاف «وطن اسمه فيروز» إلى معرفتنا؟
عبد الغني طليس ( الأخبار، 22/2/2023)
إذا كانت «مؤسسة الفكر العربي» بإصدارها مجلّد «وطن اسمه فيروز» ومشاركةِ أسماء كبيرة من العالم العربي في التمجيد، ترغب في ابتكار تكريم للسيدة فيروز، فإن هدفها تحقّق بهذا الجَمعِ الفكري والثقافي والنقدي البشري، ومستوى المجلّد ورقاً وطباعةً، وبكمية الآراء المسؤولة التي سُطّرَت.
غير أنّ المطلوب من مؤسسة فكرية بهذا الحجم ليس حجم المجلّد، ولا حجم أو عدد المشاركين فيه، بل حجم وقيمة وعمق المواضيع «الدقيقة» التي كان ينبغي أن تكون حاضرة، كأن يختار كل كاتب موضوعاً في صوت فيروز أو نتاج عاصي ومنصور، وهذا غير موجود في المجلّد إلّا عابراً!
وطن.. اسمه فيروز
الحسن المختار ( الاتحاد، 28/2/2023)
عن مؤسسة «الفكر العربي»، صدر كتاب «وطن اسمه فيروز»، تكريماً للفنانة اللبنانية فروز في عيد ميلادها الثامن والثمانين، و«احتفاء بصوتها الآسر المتميز، وعربون شكر على ما انفكت أغانيها تغمر الآلاف منا به من فيض خلاب ومفجر لعمق المشاعر والذكريات والأحلام». وقد اشتركت في كتابة هذا العمل الاحتفائي، الواقع في 350 صفحة، كوكبة من الشعراء والمفكرين والإعلاميين والكُتاب اللبنانيين والعرب، من مختلف الأجيال والمدارس الفكرية والإبداعية.
وتتجلى في هذه المجموعة من المقالات نظرة احتفاء واحتفال بالفن بصورة عامة، بوصفة أداة مثلى للتعبير عما يختزنه الإنسان من طاقات الإبداع الخلاق التي تتجسد في روائع تقاوم عاديات الزمان وتمتنع على النسيان. ويضم الكتاب بين دفتيه «في سياقات مؤتلفة متكاملة، دراسات ومقالات تتسم بطابعها البحثي ومنحاها الأكاديمي ومضامينها الفكرية، وشهادات يغلب عليها الطابع الذاتي والخواطر التأملية، وتتجاوز على امتداد صفحاته مناهج التوثيق والتحليل والتقييم».