العطاء الممتد لمعهد المخطوطات العربية
السبت، ١٧ مارس/ آذار ٢٠١٨
جريدة الحياة
محمد عبدالرحمن عريف
«معهد إحياء المخطوطات»، التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، أنشئ سنة 1946م، بهدف جمع وفهرسة المخطوطات العربية. مقره الأول كان في مصر وظل هناك إلى سنة 1979م، ثم انتقل إلى تونس حتى مطلع الثمانينات، ثم إلى الكويت حتى سنة 1990، وأخيراً استقر في القاهرة بداية من العام 1991م.
جاء ليُعنى بالتراث العربي المخطوط بمختلف أصعدته؛ جمعاً وإتاحةً، صيانةً وترميماً، فهرسةً وتعريفاً، دراسةً وتوظيفاً. ويقوم المعهد على تجميع نصوص التراث وييسر تداولها، ويساعد على صيانة المخطوط العربي وحفظه. لذلك كان إنشاء هذا المعهد العلمي، من أولى المهام التي وضعتها الجامعة العربية موضع التنفيذ، منذ اليوم الأول لإنشائها. ومن هنا، صار عمر المعهد هو عمر الجامعة العربية ذاتها، فقد صدر القرار بإنشائه سنة إنشائها (1945) ولما تكوَّنت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (سنة 1971) كإحدى المنظمات الرئيسة لجامعة الدول العربية، أُلحق بها معهد المخطوطات.
الواقع أن الجهد الذي بُذل في القاهرة، أدَّى إلى تطويرٍ كبيرٍ في عمله، فعادت الحياة إلى أرجائه، ورجع كما كان مقصداً للعلماء والباحثين وطلبة الدراسات العليا، سواء منهم المصريون، أو القادمون من البلاد العربية وغيرها، كما التحمت العُرى من جديد مع الجامعات ومراكز البحث التراثي العربية. من ناحية أخرى وُضِعتْ خُطة محكمة لإنقاذ ما هو معرَّض للتلَف من ذخيرة المعهد من المخطوطات من ناحية، وتجديد ما أصبحت الحاجة مُلحة لتجديده، قبل أن يصل إلى مرحلةٍ يحتاج فيها إلى إنقاذ من ناحية أخرى. وقد استمرتْ في هذه المرحلة نشاطات المعهد، وحظيتْ بدفعات قوية، تمثَّلتْ في تحقيق الكثير في ميدان الفهرسة، ونشْر كُتُب التراث، وانتظام صدور الدوريات (المجلة، النشرة)، شهدت المجلة تطويراً ملموساً، تجلَّى في طريقة إخْراجها، وإضافة أبواب جديدة إليها، حتى أصبح عدد الأبواب سبعة بعد أن كان ثلاثة، وركزت المجلة في هذه المرحلة على بابٍ عظيم النفْع، هو نشْر فهارس لكُتُب التُّراث المطبوعة من دون فهارس، ولقي ذلك قبولاً كبيراً من الجِهات المعنيَّة ومن العلماء والباحثين، على حدٍّ سواء. جابت البعثات التي أوفدها المعهد منذ أُنشئ الأرضَ، حاملة مُعداتها، وكانت الحركة من البداية داخل دائرتين واسعتين: دائرة العالم العربي، دائرة العالم الخارجي، وداخل الدائرتين لم تقتصر الحركة على المكتبات الرسمية، بل تعدتْها إلى المكتبات الخاصة التي يملكها أسر أو أفراد. داخل الدائرة الأولى - الدائرة العربية - شهد عام 1947 البدْء في تصوير مخطوطات العاصمة المصرية، فقد صورتْ مخطوطات من دار الكتب المصرية، والمكتبة التيمورية، ومكتبة طلعت، وحليم، والجامع الأزهر، وفي العام التالي 1948 وجه المعهد نظره إلى البلدان المصرية الأخرى، فأرسل بعثتين الأولى إلى الإسكندرية، وتلَتْ هذه بعثات أخرى، صورتْ من مكتبات الجامع الأحمدي في طنطا، والبلدية في المنصورة، والمعهد الديني في دمياط، وكلُّها غير مُفَهْرَسة.