Vous êtes ici : Accueil / Littérature / Classique et Nahda / Revue littéraire / الألخميادو لغة الأندلس السرية - Revue littéraire

الألخميادو لغة الأندلس السرية - Revue littéraire

Publié par Fatiha Jelloul le 17/01/2023

Activer le mode zen

تسعى هذه الورقة إلى تسليط الضوء على عجمية الأندلس وهي ما يعرف بلغة الألخميادو(أعجمية)، التي تعني كتابة أهل الأندلس للغات الرومنسية والإسبانية والبرتغالية بالحروف العربية. فى عام 1566م صدر قانون ٌ يُحرّم التخاطب باللغة العربية أو التعامل بها مما أدى إلى ضعفها واضمحلالها تدريجيا، فقام المورسكيون بابتكار لغة جديدة تعرف "بالألخميادو " بحيث أصبحوا يكتبون القشتالية سراً بأحرف عربية. تمخض عن هذه اللغة أدب هجين مختلط في شِبه الجزيرة الإيبيرية ؛ فهوأدب إسباني كتَبَه المورسكيون بالحروف العربيَّة يكشف عن اهتماماتهم اليومية ويعبرون فيه عن أفكارهم ومشاعرهم. وبالتالي، أصبح أدب الألخميادو وسيلة لحفظ وجودهم من الانقراض الثقافي والشخصي الذي كان يهددهم . .

1- نشوء لغة الألخميادو

الألخميادو، لغة استخدُمت عندما مُنعت العربية... هل سمعتم بها؟ (رصيف 22، 22/11/2022).  لمّا سقطت كل حصون الأندلس، وأُلغيت اللغة العربية رسمياً، وصار الحديث بها جريمة، لجأ الموريسكيون إلى اختراع لغة "الألخميادو"، لتكون آخر حصونهم.

اختلف الوضع اللغوي للموريسكيين تبعاً للظروف التاريخية والسكانية لكلِّ منطقة، وأكد المؤرخ الإسباني أنطونيو دومينغيز أورتيز أنه منذ سنة 1449 لم يكن لديهم وضع متجانس، ووجب عليهم نسيان اللغة العربية. ففي سنة 1462 أي قبل سقوط غرناطة، اضطر فقيه سيغوبيا الأكبر عيسى بن جابر أن يكتب باللغة القشتالية عمله الشهير "مجموع الوصايا والفرائض الواردة في القرآن والسنّة".

أبدت إسبانيا اهتماماً كبيراً بالقضاء على تراث الأندلس، وفرضت الثقافة الإسبانية الكاثوليكية، وأن تشتري النساء لحمَ الخنزير في الأسواق ليُطعمنه للكلابَ، ووافق الموريسكيون على تعميد أبنائهم علانيةً فقط، وكانوا يحاولون توريث عقيدتهم الإسلامية لهم سرّاً، وكان الاستحمام المتكرر مُستهجناً، ويؤدي بصاحبه إلى التهلكة، لأنه مرتبط بعادات المسلمين، ومهما فعل الموريسكيون لإرضاء الإسبان كانت النظرةُ السائدة لهم أنهم منافقون يظهرون عكس ما يُبطنون.

نجح الموريسكيون في وضع نظام متسق، وتطبيق نظام رسومي وهجائي موحد للترجمة الصوتية من الإسبانية إلى الحروف العربية، وهذا ما أوردته نوريا دي كاستيلا الباحثة في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا في إسبانيا، في بحثها عن "الاستخدامات والممارسات الكتابية في الألخميادو" (Uses and Written Practices in Aljamiado Manuscripts)، وهو تحدٍ كبير أن تُعبّر الحروف العربية الثقيلة عن الأصوات الإسبانية الرقيقة

لغة الألخميادو السرية.. ما تبقى من حصون المسلمين في الأندلس (صحيفة العرب، 25/4/2016) . نشأت لغة الألخميادو التي تعتمد على نسخ اللغة الرومانية القشتالية بأحرف عربية، بمبادلة كل حرف روماني قشتالي بحرف عربي يعتبر الأقرب إليه من الناحية الصوتية في محاولة للتوسط بين المنطوق والمكتوب، ويُطلق على الأدب الموريسكي الذي دَوّن اللفظ الروماني بحرف عربي اسم “ألخميا” أو “ألخميادو”، وهي مشتقة من كلمة “الخاما” (بالأسبانية: Aljama) وتعني الحي الذي يقطن فيه المسلمون.

ويستخدم لفظ “ألخميا” أو “ألخميادو” للدلالة على اللغة الرومانية القشتالية في إطار مزيج فريد من اللغتين العربية واللاتينية العامية، حيث كتبت الصوتيات اللاتينية بالأبجدية العربية، لتكون الألخميادو لغة رومانية منحدرة من اللاتينية انفردت بطريقة كتابتها بحروف عربية، وكانت شائعة في شبه الجزيرة الإيبيرية.

ولعبت لغة الألخميادو دورا مهما في الحفاظ على الإسلام واللغة العربية في حياة مسلمي الأندلس، فبعد سقوط آخر مملكة مسلمة في شبه جزيرة إيبيريا، أُجبر مسلمو الأندلس على اعتناق المسيحية وممارسة التقاليد والعادات المسيحية وحضور الصلوات في الكنيسة أو المغادرة، إلا أن بعض المورسكيين حافظوا على معتقداتهم وثقافتهم سرا عبر استخدام الألخميادو.

2- أدب الألخميادو محاولة لإنقاذ الهوية الثقافية

 الأدب الألخميائي (الأدب الإسباني المكتوب بحروف عربية). (الألوكة، 11/1/2012) لربما يكونُ الأدب الإسباني المكتوب بحروفٍ عربيَّة الألخميائي من قِبَلِ كُتَّابٍ مسلمين من أكثر الأدلَّة وُضوحًا على هذا  البُعد السامي في إسبانيا، والذي بدَأ يضمحلُّ ولكنَّه ما زال رغم ذلك مُؤثِّرًا وفاعلاً، يسمحُ لنا هذا الأدب السري، الذي ما زال مُعظَمه غير منشور، والذي كتبه مُنشَقُّون دُفِعوا دفعًا لأنْ يعملوا تحتَ الأرض، بأنْ نلمح عمليَّة الانقِراض البطيئة كما عاشَها آخِر المسلمين في إسبانيا بأنفُسهم في القَرنين السادس عشر والسابع عشر؛ إذًا كانت إسبانيا التي وصَفَها أوتيس غرين Otis Green بأنها "غربيَّة خالصة" تغصُّ بآخِر علامات شرقيَّتها.

لم يُكتَشف الأدبُ الإسباني المكتوب بالحروف العربيَّة إلا بعدَ وقتٍ طويل من عمليَّة إجْلاء المسلمين عن إسبانيا التي جَرَتْ عام 1609؛ فلقد شَهِدَ عام 1728 ظُهور العَديد من المخطوطات التي كانت مخبَّاة داخل عَمودٍ في بيتٍ من بيوت ريكلا (Ricla)، ثم اكتُشفت عام 1884 مجموعةٌ أساسيَّة كانت مخبَّاة داخل أرضيَّةٍ مزيفة في بيت مُهدَّمٍ في ألموناسيد دي لاسييرا (Almonacid de la Sierra) في سرقسطة.

إنَّ الأمر الأوَّل الذي يُلاحِظه المرء بِخُصوص هذا الأدب - الذي ما زال قسمٌ كبيرٌ منه غيرَ مطبوعٍ، وما زال القسم الأكبر مُوزَّعًا بين مكتبات إسبانيا والشرق وأوروبا - هو طبيعته الهجينة المولَّدة؛ ومن ثَمَّ الخفيَّة المُلغِزة؛ إذ إنَّ المخطوطات مكتوبة باللغة الإسبانيَّة (أي: القشتاليَّة)، أو باللغات الرومانسيَّة الأخرى مثل: البرتغاليَّة أو الفالنسيَّة، ولكنَّها رغم ذلك مرسومة بحروفٍ عربيَّة.

تقودُنا هذه الظاهِرة اللافتة إلى استنتاجٍ أوَّلِيٍّ مُروِّع وهو: أنَّ قسمًا لا بأسَ به من الأدب الإسباني في العصر الذهبي كان شرقيًّا؛ بحيث ينبغي على الباحث في ذلك الأدب أنْ يكون مستعربًا، أو أنْ يعرف على الأقل الحروف العربيَّة؛ لكي يستطيع قراءةَ ذلك الأدب.

لكن على رغم أنَّ الأدب الإسباني المكتوب بالحروف العربيَّة كان بعامَّةٍ مُبتذلاً من وجهة النظَر الجماليَّة الصِّرف، بل إنَّه كان أسوأ من ذلك إذا قُورن بمعظم الإنتاج الأدبي خلال العصر الذهبي في إسبانيا، فإنَّ هذا الأدب يكشفُ لنا أحيانًا عن نصوصٍ أدبيَّة ذات قيمةٍ جماليَّة حقيقيَّة لا جدال فيها؛ ومثال ذلك تلك الروايات الرومانسيَّة الملحميَّة (مثل الحديث، أو الملحمة التي تدورُ حول الحصن الذهبي (Alcazar de Oro) التي أعاد كتابتها بالحروف اللاتينيَّة غالميز دي فوينتس في كتاب المعارك (Libro de las batallas)، الذي نشَرَه عام 1975)، إضافةً إلى بعض الأشْعار التي كتبها محمد رمضان (Mahomed Rabadan)، وشُعَراء آخَرون درستهم مانويلا مانزاناريس دي سيري.

الأعجمية المورسكية  (مجلة التاريخ العربي، العدد1، 11/1996). إن ما اصطلح على تسميته بالأدب الأعجمي الموركسي هو عبارة عن مجموعة مخطوطات عثر عليها صدفة في أكثر من مناسبة بعد إخفائها قديما في تجاويف جدران المنازل وبين السقوف وفي المغارات وكذا في مخابئ أخرى . إننا هنا أمام أدب هجين تمتزج فيه العربية والإسبانية في شتى المستويات بشكل لا أظن أنه عرف قبل هذا بين اللغة العربية ولغات أخرى ، وتمخض هذا المزيج عن نتاج معبر أيما تعبير وممثل أيما تمثيل لكيان أصحابه ولهويتهم الثقافية . فمع هذا الأدب نجد أنفسنا أمام كتابات إسبانية اللغة وعربية الخط تتخللها مصطلحات عربية إسلامية وتراكيب إسبانية معربة ، والكل محفوف بغطاء صوتي مورسكي يصعب نعته بالعربي أو بالإسباني . فهذه اللغة المورسكية تعكس بوفاء كبير شخصية مجموعة إنسانية متميزة داخل الجزيرة الإيبيرية أو جزيرة الأندلس كما كان يسميها المورسكيون . فهذه المجموعة كانت تشعر بخصوصية تجاه مواطنيها المسيحيين في إسبانيا وكذا اتجاه أولئك الذين مثلوا بشكل من الأشكال عنصرا عضويا في وجودهم . و أقصد بالخصوص العنصر البربري العربي الإفريقي الشمالي . فمع الأوائل كانوا يتقاسمون الأرض  وكانت العقيدة الإسلامية وجزء من الثقافة يجمعهم بالآخرين .

آخر حصون الأندلسيين.. لغة «الألخميادو» السرية. (ساسه بوست، 25/3/2016). يتميز أدب الألخميادو ببساطة الأسلوب والابتعاد عن التكلف ويغلب عليه أحيانا طابع الركاكة في التعبير وإن كانت هناك مخطوطات على قدر كبير من البلاغة. تكمن أهمية هذه الإنتاجات الأدبية، أولا وقبل كل شيء، في مزاياها الإنسانية وقيمتها التاريخية والثقافية. تشكل شهادة مأساوية تراجيدية مؤثرة لشعب قاوم الانسلاخ الهوياتي وإن غدت إمكانياته اللغوية والمعرفية خجولة ومحدودة على نحو متزايد بسبب التثقيف الكاثوليكي القسري

 اكتشاف 168 قصيدة موريسكية في بالينثيا الإسبانية  (ضفة العربي الجديد، 10/2/2017)في النصف الثاني من القرن العشرين، وربما تأثرًا بنظرية ميشيل فوكو في قراءة التاريخ بعيدًا عن الوثائق الرسمية، اتجهت الدراسات الأندلسية، ومن داخلها الموريسكية، لدراسة وثائق البيع والشراء وعقود الملكية، وبدأ البحث عن ودراسة أوراق تخص الموريسكيين، كتاباتهم، خطاباتهم، تدويناتهم السريعة، وبالطبع أدبهم. اكتسبت هذه الأوراق أهمية كبرى، إذ كانت المعبّر الحقيقي عن صوت المهزومين. لقد طرحت الدراسات الجديدة الموريسكيين باعتبارهم أفرادًا أيضًا، وليسوا كتلة بشرية تعتنق في مجملها نفس الأفكار والأهداف وأساليب الحياة، بالتأكيد تساووا جميعًا في الظلم والفتك بهم، لكن خلال ما يقرب من قرن، ما يعني عشرة أجيال متتالية، تغيرت الأفكار وتراجعت الثوابت، ونشأت أسئلة جديدة لدى الجيل الثالث والرابع وما بعدهما في ما يخص هويتهم، وهو السؤال الجوهري الذي تعاظم مع التهجير، إذ هجّروا بذريعة أنهم مسلمون وعرب، وفي الأرض الجديدة التي تحتم عليهم الحياة فيها، خاصة في المغرب وشمال أفريقيا، اضطهدوا باعتبارهم مسيحيين إسبانًا. وأدرك الأجداد، الذين عاشوا فترة التحول السياسي والتنصير خطورة ذلك، فبدأوا الكتابة باللغة الأعجمية (الألخاميدو كما يسميها الإسبان) وهي كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية.

Pour citer cette ressource :

" الألخميادو لغة الأندلس السرية - Revue littéraire ", La Clé des Langues [en ligne], Lyon, ENS de LYON/DGESCO (ISSN 2107-7029), janvier 2023. Consulté le 20/04/2024. URL: https://cle.ens-lyon.fr/arabe/litterature/classique-et-nahda/revue-litteraire/revue-litteraire-aljamiado-lughat-al-andalus-al-sirriyya

Thématiques