الترجمة الخلّاقة : تجليات الهوية العربية في الفلسفة الإغريقية
مقدمة
"الترجمة هي إنتاج آثار مماثلة بوسائل مختلفة" (.Paul Valéry, 1957, p. 48)
"إن أهل محمد هم الذين نقلوا العلوم إلى الغرب. ومنذ ذلك الزمان لم يريدوا إطلاقا استعادة ما أعطونا إياه" (.Montesquieu, 1950, p. 1300)
لطالما ساهمت الترجمة في تطور الحضارات والثقافات ومد جسور التواصل والتفاعل بينها. فقد استفاد الإغريق من الموروث المصري والرومان من الحضارة الإغريقية وكذلك فعل العرب مع الإرث الإغريقي والروماني واستفادت النهضة الأوروبية من ينابيع الحضارة العربية (.Ph. Büttgen, A. de Libera, M. Rashed et I. Rosier-Catach, 2009, p. 53-77) إن هذا التواصل إنما يدل على استحالة الانطلاق من الصفر والاستهلال من صفحة بيضاء عندما يتعلق الأمر ببناء حضارة أو خلق ثقافة من الثقافات. فإن العلماء والأدباء والفلاسفة، وأشهرهم أفلاطون وأرسطو، استلهموا أفكار أسلافهم ونظرياتهم المترجمة إلى لغتهم وانطلقوا منها لبناء فضائهم الخاص وعالمهم الفريد. وإذا سلمنا بوجود جسور التواصل العلمي والأدبي والفلسفي بين الأمم من خلال الترجمة، فإن المسألة التي تهمنا في هذا المقال تتعلق بكيفية التعامل مع ذلك الإرث وتطرح قضية التلقي عند تلك الحضارات وأبعاد التفاعل الترجَمي بين العرب والإغريق خاصة.
1.الترجمة : من الجحود إلى الجمود
إن لكل حضارة فهم معين للترجمة وإدراك خاص لأهدافها. فالترجمة مفهوم لين ومرن تتغير دلالاته بتغير الزمان والمكان والانتظارات. فقد تعامل اللاتينيون مع الإرث الإغريقي من منظور خاص وكذلك فعل السريان والعرب مع الثقافات التي سبقتهم والغرب مع المخزون العربي في القرون الوسطى. ولكن يبدو أن لبعض النقاد والباحثين المستشرقين فهم جامد ومتجمد لمسألة الترجمة.
ومن أشهر هؤلاء النقاد "أرنيست رنان ((Ernest Renan, Averroès et l’Averroïsme, Paris, Auguste Durand, libraire, 1852. ترجمه إلى العربية عادل زعيتر تحت عنوان ابن رشد والرشدية.)) و"كولومان فيولا" (.Coloman Viola, p. 289-312) و"ريمي براق" وأخيرا "سيلفان جوغن هايم" (( وقد اقتبس سيلفان جوغن هايم عنوان المقال الذي كتابه كولومان ڤيولا لكتابه أرسطو في مون سان ميشال ومن أوائل النقاد الذين اتخذوا هذا المنحى نذكر أيضا المستشرق الإيطالي غابريالي من خلال مقاله.)). وهم مستشرقون فرنسيون عاشوا ما بين القرنين التاسع عشر والواحد والعشرين يقيدون علاقة النص المترجم بالنص الأصلي. وهي علاقة يجب أن تكون حسب قراءتهم علاقة وفاء وتماثل تام بين النصين:
"إن هذه التساؤلات تحمل في طياتها قضية أخرى لم يتطرق إليها إلا القليل من الباحثين، ألا وهي قضية تتعلق بجودة الترجمات [العربية] ودقتها ومدى تأثير الكتب المنبثقة عنها. فإن المرور من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية - سواء استعملت السريانية كوسيط أم لا - ثم من العربية إلى اللاتينية ليس بالأمر السهل أو الهين. فهل يمكن لأي نص فلسفي أو استدلال علمي أن يخرج سليما من هذه التحويرات المتكررة التي لا ينتقل فيها المعجم فقط بل الفكرة أيضا التي يمر عبرها النحو، من نظام هندي-أوروبي إلى نظام سامي قبل أن يعود إلى النظام الأصلي؟" (.Sylvain Gouguenheim, 2008, p. 18)
ولقد طبقوا هذه القراءة على العديد من النصوص التي ترجمها العرب في القرون الوسطى وخاصة الموروث الأرسطي والأفلاطوني. ومن أبرز مؤلفاتهم نذكر"أرسطو في مون سان ميشال، الجذور اليونانية لأوروبا" لسيلفان جوغ هايم وكتاب "في وسط القرون الوسطى : فلسفات قروسطية في المسيحية واليهودية والإسلام" لريمي براغ (.Rémi Brague, 2006) وانطلقوا من أطروحة مفادها أن الاختلاف بين النصوص العربية والنصوص الإغريقية إنما يدل على عدم فهم العرب للمدونة الإغريقية (خاصة كتب أفلاطون وأرسطو (( إن هذا الضرب من القراءات لم يكن حكرا على المستشرقين بل تسرب أيضا إلى أعمال بعض النقاد العرب نذكر منهم عبد الرحمان بدوي. ففي تقديمه لكتاب فن الشعر لأرسطو ولشروحه العربية القروسطية، يذكر تلخيص ابن رشد قائلا إنه "تلخيص الفاسد لا يفيد مطلقا في إيضاح فكر أرسطو، بل يبتعد عنه كل الابتعاد". أرسطوطاليس، "فن الشعر: مع الترجمة العربية القديمة وشروح الفارابي وابن سينا وابن رشد"، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1953، ص. 13. ووافقه على هذا الرأي شكري عياد (كتاب أرسطوطاليس في الشعر) وجابر عصفور (مفهوم الشعر) وألفت كمال الروبي (نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين من الكندي حتى ابن رشد) وإحسان عباس (تاريخ النقد الأدبي عند العرب) "الذين يؤكدون أن العرب ما فهموا كتاب أرسطو في الشعر. وتجلى سوء الفهم ذلك في شكل تحريف لمقاصد أرسطو. غير أن التحريف جزئي في تصور البعض، تام وشامل وكلي في نظر البعض الآخر". محمد لطفي اليوسفي، الشعر والشعرية، تونس، الدار العربية للكتاب، 1992، ص. 132.))) وقلة تشبعهم بذلك الموروث. فإن حضارة بنيت على الإسلام ليست قادرة بالنسبة لهم على الولوج إلى مكامن حضارة وثنية لا تتناسب مع مفاهيمهم الدينية والوجدانية. ويؤكدون بشكل عام على فكرة مفادها أن البيئة الفكرية العربية لم تكن مهتمة كثيرا بالمخزون الثقافي الإغريقي الذي انحصر انتشاره فلم يخرج من فضاء الفلاسفة. (سيلفان جوغن هايم، الكتاب المذكور، ص. 20-21.) أما أغلب الميادين الفكرية الأخرى، فقد غلب عليها الطابع التقليدي إذ أنها تعتمد بشكل رئيسي على القرآن والحديث ولم يكن للفكر اليوناني أثر جوهري فيها. وبما أن مدار انتشار الفكر الهليني كان محدودا، فلا يمكن الحديث عن تشبع الحضارة الأدبية بالمدونة الإغريقية أو ذكر أي نوع من التفاعل بينهما. فلو كان الفكر الأرسطي متطابقا مع الأفق الإبستيمولوجي العربي، لانتشر في جميع الحقول العلمية والأدبية ولما انحصر في كتب الفلسفة. فهل كان الإرث المعرفي اليوناني حقا غريبا شريدا في ربوع الجزيرة العربية بشكل خاص والعالم الإسلامي بشكل عام؟
2.احتفاء العرب بالموروثين الإغريقي والفارسي
إن هذه الأطروحة تجهل أو تتجاهل التلقي العربي للموروث الأرسطي الذي انتشر في الآفاق وتدفق إلى العديد من الأجناس الأدبية لعل أهمها كتب الآداب السلطانية ((انظر قوله أيضا في كتاب نصيحة الملوك: "وقد قال أرسطوطاليس: أي ملك تمادى في رأيه بعد ظهور الخطأ له فهو معين على نفسه سار لأعدائه. أي ملك عمل باللجاجة فهو منفرد بغرته وهو من العطب قريب"، تحقيق الشيخ خضر محمد خضر، الكويت، مكتبة الفلاح، 1983، ص. 132. ومن كتب مرايا الأمراء والحكماء التي سخرت الموروث الإغريقي في العديد من المواضع نذكر "نصيحة الملوك" للغزالي، تحقيقي أحمد شمس الدين، بيروت، دار اكتب العلمية، 1988ص. 60ـ61 وسراج الملوك للطرطوشي، تحقيق محمد فتحي أبو بكر، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1994، الجزء الأول، ص. 52، 332 و336 و"سلوك المالك في تدبير الممالك" لابن أبي الربيع، تحقيق عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز، الرياض، دار العاذرية للنشر والتوزيع، 2010، ص. 192. وقد خص عبد الرحمان بدوي هذه المسألة بكتاب عنوانه "الأصول اليونانية للنظريات السياسية في الإسلام" وتطرق إليها مكرم عباس في ترجمته لكتاب الماوردي المعنون تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق المُلك وسياسة الملك ".)) فإن الماوردي يستشهد في العديد من كتبه بحكم وأقوال صدرت عن فلاسفة ورجال سياسيين وحكماء فرس وإغريق. ففي تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق المُلك وسياسة الملك يذكر قول بزرجمهر : "من طباع النفس استدامة المعاذير لصاحبها فيما مضي والوجالة فيما بقى" (ص. 37) وأنوشروان : "من حصن سره فله بتحصينه خصلتان : الظفر بحاجته والسلامة من السطوات" (ص. 90.) ويستشهد بالعديد من الحكم الأرسطية أو الأفلاطونية : "إن الله تعالى إنما جعل لك أذنين ولسانا واحدا ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به" (ص. 60.) ولم يتوقف المد الهيليني عند مدار الآداب السلطانية بل تخطاه إلى كتب الأقوال المأثورة والأمثال ((نذكر منها "الحكمة الخالدة" لمسكويه و"الكلم الروحانية في الحكم اليونانية" لأبي الفرج بن هندو و"الفرائد والقلائد" للأهوازي. ولقد درس ديميتري غوتاس هذه المسألة في أطروحة الدكتوراة التي تطرق فيها إلى تجليات "أدب الحكمة الإغريقي في الترجمة العربية".)) والأدب. فها هو ابن عبد البر يستشهد في ديباجة العقد الفريد بحكمة عربية "اختيار الرجل وافد عقله" (ابن عبد ربه، 1969، ص. 2.) قبل أن يذكر بيت شعر: قد عرفناك باختيارك إذ كان دليلا على اللبيب اختياره.
ويختم القسم المخصص لمسألة الاختيار بقول أفلاطون : "عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم، وظاهرة في حسن اختيارهم'' ((نفس المصدر، ص. 3. استشهد ابن عبد ربه بأقوال الفلاسفة والأدباء والعلماء الإغريق في الكثير من المواضع من كتابه: انظر، الجزء الأول، ص. 24ـ25، 231 والثاني، ص. 445 والثالث ص. 34 والرابع ص. 188. ولم ينحصر ذكره لهم على أرسطوطاليس وأفلاطون، بل شمل أيضا الإسكندر وجالينوس: "وقيل لجالينوس: بم صار الرجل الثقيل أثقل من الحمل الثقيل؟ فقال: لأن الرجل الثقيل إنما ثقله على القلب دون الجوارح، والحمل الثقيل يستعين فيه المرء بالجوارح"، الجزء 2، ص. 295.)) لدى حديثه عن المنهجية التي اتبعها والطريقة التي استعملها لتأليف كتابه. وقد كان واعيا بقيمة ذلك الإرث لأنه يؤكد على أنه اكتفى في العقد الفريد ب"فضل الاختيار وحسن الاختصار وفرش في صدر كل كتاب". أما جوهر الكتاب فهو "مأخوذ من أفواه العلماء، ومأثور عن الحكماء والأدباء" ((نفس المصدر، ص. 2. وقد سخرت معظم كتب الأدب ككتاب الحيوان للجاحظ والأغاني لأبي الفرج الإصفهاني وزهر الآداب للحصري القيرواني والإمتاع والمؤانسة للتوحيدي الأفق الحكمي الإغريقي.))
إن الأدب والفكر بالنسبة لمعظم الكتاب القروسطيين يعتبران تواصلا وامتدادا للثقافات السابقة سواء كانت وثنية أو مؤمنة، عربية أو فارسية أو إغريقية أو لاتينية. وهو الأمر الذي يبين مدى حضور النزعة الإنسانية (.Mohamed Arkoun, 1982 .Humaniste) وتبلورها في الفكر والمخيال العربي. فإن التشبع بإرث الحضارات القديمة واستيعابه إنما يدل على تكامل الفضاءات المعرفية واندماجها وانصهارهافي أفق لا يعترف بالفوارق الدينية وبطبيعة الروافد المكونة لها. ولقد قدمت البيئة الثقافية العربية في عصرها الذهبي نموذجا فريدا على قدرتها على التعايش مع المدونات التي سبقتها وتسخيرها في نهضتهادون أن يمس ذلك التفاعل بخصوصية الفكر العربي وأصالته. إن هذا التعامل مع الموروث الإغريقي إنما يكشف عن فكرة مركزية مفادها أن العلم والثقافة لا دين ولا هوية لهما لأنهما مداران كونيان يتخطيان القيود الزمانية والحدود المكانية.
يمكن القول في حقيقة الأمر إنه ما من مجال علمي أو أدبي إلا وتدفق إليه النفس الفكري اليوناني. فإذا تطرقنا إلى قضايا النقد الأدبي والبلاغة وجدنا ذلك النفس في مؤلفات قدامة (نقد الشعر) وإسحاق بن وهب (البرهان في وجوه البيان) وحازم القرطاجني (منهاج البلغاء وسراج الأدباء) خلافا لما هو الحال في مؤلفات المدرسة النقدية العربية الإسلامية التي جسدتها العديد من المؤلفات كسؤالات أبي حاتم السجستاني للأصمعي ورده عليه في فحولة الشعراء وطبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي وقواعد الشعر لثعلب وكتاب الصناعتين للعسكري. أما في مجال العلوم البلاغية، فإن الباحثين غالبا ما يفرقون بين الخطابة التي تعتبر امتدادا للريطوريقا الأرسطية ونظيرتها العربية المتمثلة في البلاغة. وقد توقف العديد من الدارسين لهذا الموضوع عند هذه المسألة لعل أهمهم شوقي ضيف ((البلاغة تطور وتاريخ.)) ولارا هرب ((الشعرية العربية: التجربة الجمالية في الأدب العربي الكلاسيكي.)). أما الآثار الدينية، فإن الفكر المعتزلي- على سبيل الذكر لا الحصر - استعان استعانة وثيقة بالأساليب الحجاجية والجدلية اليونانية ((تطرق العديد من النقاد إلى هذه المسألة نذكر منهم ألبرت حوراني وإبراهيم مدكور وجمال الدين كولوغلي وجوزف فان إس.)). ولا يمكننا أن نتجاهل في مجال النحو المناظرة الشهيرة التي دارت بين الفيلسوف متى بن يونس والنحوي أبي سعيد السيرافي في القرن الرابع الهجري. فقد جمعهما مجلس الوزير الفضل بن جعفر بن الفرات لبحث مسألة العلاقة بين النحو والمنطق. وبينما دافع الأول عن وجاهة استعمال المنطق لفهم اللغة العربية وتقييم نحوها و"تمييز الحق من الباطل" بشكل عام، رد عليه أبو سعيد السيرافي بأن المنطق لا يمكنه أن ينطبق إلا على اللغة اليونانية "لأن صحيح الكلام من سقيمه يعرف بالنظم المألوف والإعراب المعروف إذا كنا نتكلم بالعربية؛ وفاسد المعنى من صالحه يعرف بالعقل إذا كنا نبحث بالعقل".
إن هذا الانتشار والتدفق للفكر الهيليني جعل ابن قتيبة الذي انتصر للمنهاج العربي التقليدي و تقيد بمعالمه، يشتكي في مقدمة أدب الكاتب من تأثيره في العقول واستبداده بخواطر طلبة العلم :
"ولو أن هذا المُعجب بنفسه، الزاري على الإسلام برأيه، نظر من جهة النظر لأحياهُ الله بنور الهدى وثَلَجِ اليقين، ولكنه طال عليه أن ينظر في علم الكتاب، وفي أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وفي علوم العرب ولغاتها وآدابها، فنَصَبَ لذلك وعاداهُ. وانحرف عنه إلى علم قد سلَّمه ولأمثاله المسلمون، وقلَّ فيه المتناظرون، له ترجمةٌ تروق بلا معنى، واسم يهول بلا جسم؛ فإذا سمع الغُمْرُ والحدَثُ الغِرُّ قوله: الكون والفساد، وسَمْع الكيان، والأسماء المفردة، والكيفية والكمية والزمان والدليل، والأخبار المؤلفة؛ راعه ما سمع، وظن أنَّ تحت هذه الألقاب كلَّ فائدة وكلَّ لطيفة، فإذا طالعها لم يَحْلَ منها بطائل" (ابن قتيبة، 1981، ص. 7.)
3.أدلجة الترجمة و تسييسها
وبالرغم من كل هذه الأمثلة والدلالات، أوغل ذلك الضرب من الباحثين في انتقاد الترجمات العربية قائلين إنها تنم عن عدم تمكن العرب من اللغة الإغريقية من جهة وعدم قابلية اللغة العربية للمصطلحات الإغريقية من جهة أخرى. وجعلوا من آثار "جاك دي فينيس" - التي لم نقرأ عليها إلا القليل- أنموذجا للدقة والتماهي مع النصوص الأصلية. فما الذي دفع هولاء النقاد للتحامل على الدور الأساسي الذي لعبه العرب في نقل الآثار الإغريقية وترجمتها للعربية؟
إن هذه القراءات يحركها هدف واحد يعتبر البوصلة التي توجهها ألا وهو فكرة أن الغرب غير مدين للعالم العربي والإسلامي بأي شيء في مجال العلوم والفنون بشكل عام والترجمة بشكل خاص. فهي تحاول دحض الفكرة السائدة التي مفادها أن العرب ترجموا الإرث الإغريقي الذي استفاد منه الأوروبيون في القرون الوسطى وبنوا عليه نهضتهم. ومن هنا يأتي التركيز على الترجمة العربية لأنها تمثل الخيط الرابط بين المخزون الإغريقي من جهة والنهضة الأوروبية من جهة أخرى. إن هذه الأطروحة تستهدف أبعادا أدبية وفلسفية وحضارية على درجة عالية من الأهمية والخطورة. فالقول بأن العرب والمسلمين لم يساهموا البتة في نقل الموروث الإغريقي يمثل منطلقا لدحض مسألة التلاقح الثقافي بين المسلمين والمسيحيين وتأكيد فكرة الجذور اليونانية والمسيحية لأوروبا. ومن هنا كان لا بد لهؤلاء المفكرين من إيجاد مسار آخر ولجت من خلاله الثقافة الإغريقية إلى أوروبا في القرون الوسطى، مما سيجعل التخلص من العرب ومن دورهم المعرفي ممكنا. ولذلك جعل كولومان فيولا وسيلفان جوغن هايم شخصية الراهب الإيطالي "جاك دي فينيس" (Jacques de Venise) المتوفي في منتصف القرن الثاني عشرضالتهم قائلين إنه المترجم لأغلب كتب أرسطو. ونجح بالتالي في ملء الفراغ الفلسفي الممتد من وفاة "بوثيوس" (Boethius) سنة 524 إلى النهضة الأوروبية وألغى دور الفلاسفة والمترجمين العرب والمسلمين في نقل الموروث الأرسطي وترجمته. ولكن هذه الفكرة لا تجد صدى إلا عند القليل من المفكرين إذ أنها لا تكاد تتخطى آثار "كولومان فيولا" و"سيلفان جوغن هايم" وقام بدحضها جل الباحثين في هذا المجال بسبب قلة المعلومات عن هذا الراهب والترجمات التي قام بها والتناقضات التاريخية التي تتسم بها أعماله (Aubert Martin, Blaise Dufal, Louis-Jacques Bataillon, Max Lejbowicz, Alain Gérard).
ولعل أبرز مثال بالنسبة لهم على عدم تمكن العرب من اللغة الإغريقية من جهة وعدم قابلية اللغة العربية للمصطلحات الإغريقية من جهة أخرى عدم فهم العرب للمسرح الإغريقي الذي جعله العرب رديفا للشعر. فكيف نفسر انزياح التراجم العربية عن النصوص الإغريقية؟ وهل يمكننا الحديث عن فجوة أو تباعد أو تباين أو انحراف كما هو الحال في كتب المستشرقين ((توقف العديد من النقاد العرب كأمجد طرابلسي وعباس أرحيلة ومحمد لطفي اليوسفي عند هذه المسألة وبينوا مدى تحامل المستشرقين على الحضارة العربية من جهة ونسف الإجماع العلمي من جهة أخرى. إلا أن هؤلاء النقاد لم يربطوا تلك المسألة بقضية الترجمة وناقشوها من زوايا أخرى. انظر نقد الشعر عند العرب حتى القرن الخامس للهجرة لأمجد طرابلسي والأثر الأرسطي في النقد والبلاغة العربيين إلى حدود القرن الثامن الهجري لعباس أرحيلة والشعر والشعرية لمحمد لطفي اليوسفي.))؟
إن هذا النوع من القراءات يعبر عن مفارقة تاريخية عجيبة لأنه يدرس القرون الوسطى من خلال منظور معاصر ومن خلال عدسة القرن الحادي والعشرين. فهذه النظرة للترجمة يمكن أن تنطبق على تعريفنا الراهن لهذا المفهوم لأننا نحكم اليوم على النص المترجم من خلال التقارب أو التباعد بين النص الأصلي والترجمة أومن خلال معيار الإيقاع والشعرية عندما يتعلق الأمر بالشعر. ولكن هذا التعريف لا يمكنه أن يشمل كل التفرعات والدلالات الزمنية والتاريخية لمفهوم الترجمة. وهذا ما نستشفه من تعامل العرب مع الإرث الإغريقي والبيزنطي. لقد اتبعت الفلسفة العربية خاصة مسارا فريدا يرنو إلى التشبع بالإرث الإغريقي لتبيان أصدائه في الحضارة العربية. فإن احتفال العرب بالموروث الثقافي لم يقتصر عن كونه مجرد ترجمة حرفية له بل تخطى تلك العتبة لتكييف الموروث الإغريقي مع العقل والفكر العربي والإسلامي. فلم يكن هدف العرب الترجمة من أجل الترجمة ولكن الغرض من ذلك المشروع الثقافي كان تبيان كونية العلم والفلسفة. فهي لا تعتبر أرسطو أو أفلاطون فيلسوفين إغريقيين فحسب بل أيضا فيلسوفين كونيين يمكن لكل أمة ولكل حضارة أن تستمد من مؤلفاتهما أطروحات ونظريات تتناغم مع ثقافتها وطبيعتها. فيفتتح مثلا ابن رشد تلخيصه لكتاب الشعر لأرسطو بالقول إن غرضه "تلخيص ما في كتاب الشعر من القوانين الكلية المشتركة لجميع الأمم أو للأكثر اذ كثير مما فيه إما أن تكون قوانين خاصة بأشعارهم وعاداتهم فيها، وإما أن تكون ليست موجودة في كلام العرب وموجودة في غيره من الألسنة" (ابن رشد، 1986، ص. 53.) ((لقد حضي كتابا الشعر والخطابة بشروح عدد من الفلاسفة نذكر منهم الفارابي وابن سينا والعديد من الشروح المفقودة المنسوبة إلى الكندي والعامري وابن السمح وابن الهيثم وابن الطيب وعبد اللطيف البغدادي.))
4.تجليات تخطي العقبات الترجمية
ولكن هذه الرغبة في ترجمة الإرث الفلسفي الإغريقي اصطدمت بعراقيل ومعضلات كبيرة لعل أهمها غياب بعض الملامح الأدبية في الحضارة العربية كغياب المسرح مثلا. فعندما يتحدث أرسطو وأفلاطون عن التراجيديا والكوميديا، فإنهما يشيران إلى جنسين أدبيين لا يعرفهما العرب لأن المسرح ظهرتقريبا في منتصف القرن التاسع عشر في العالم العربي. (إدوارد الخراط، 2016.) ومن هنا تتشكل ملامح الأزمة الترجَمية لأن أسلافنا وجدوا أنفسهم في موقف صعب للغاية: كيف نترجم أشياء لا نعرفها؟ أشياء لم نرها ولم نسمع عنها؟ هل يمكن الخروج من هذه المعضلة؟ فكما يقول الكاتب الانجليزي أنتوني برجس، "الترجمة ليست مسألة ترجمة الكلمات فقط ولكنها تتعلق بجعل ثقافة بأكملها مفهومة". تمكن العرب من تخطي هذه المعضلة باختراع مفهوم جديد يمكننا أن نسميه الترجمة التكييفية أو الترجمة الخلاقة. وقوام الترجمة التكييفية إيجاد نظير أو مقابل للمفاهيم والأجناس الأدبية الغير موجودة في الحضارة العربية كما هو الحال مع التراجيديا أو الكوميديا. فما الذي يقابل التراجيديا والكوميديا في الأدب العربي؟ لقد توصل المترجمون والفلاسفة العرب إلى خلاصة مفادها أن التراجيديا يمكن تعويضها بشعر المديح والكوميديا بشعر الهجاء لأنهما يقتسمان نفس الأهداف ويسخران نفس المخيال. فإن خصال البطل التراجيدي يمكن إيجادها في الممدوح كما أن مساوئ ومثالب الكوميديين نجدها في المهجو في شعر الهجاء :
"واليونانيون كانت لهم أغراض محدودة يقولون فيها الشعر. وكانوا يخصون كل غرض بوزن على حدة، وكانوا يسمون كل وزن باسم على حدة. فمن ذلك نوع من الشعر يسمى (طراغوذيا)، له وزن طريف لذيذ يتضمن ذكر الخير والأخيار والمناقب الإنسانية. ثم يضاف جميه ذلك الى رئيس يراد مدحه. وكانت الملوك فيهم يُغَنَّى بين أيديهم بهذا الوزن. وربما زادوا فيه نغمات عند موت الملوك للنياحة والمرثية.
ومنه نوع يسمى (ديثرمبي)، وهو مثل طراغوديا، ما خلا أنه لا يخص به مدحة إنسان واحد أو أمة معينة، بل الأخيار على الإطلاق. ومنه نوع يسمى ( قوموذيا) وهو نوع تذكر فيه الشرور والرذائل والأهاجي. وكانوا ربما زادوا فيه نغمات لتذكر القبائح التي تشترك فيها الناس وسائر الحيوانات" (( وابن سينا وابن رشد، ترجمة وتحقيق عبد الرحمن بدوي، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1953، ص.165. انظر قوله أيضا في الصفحة 169: "وكذلك كان يعمل بطراغوديا وهو المديح الذي يقصد به إنسان حي أو ميت... وأما قوموذيا وهو ضرب من الشعر يهجى به هجاء مخلوطا بطنز وسخرية".))
كان المفكرون والفلاسفة العرب إذن على وعي بالتباين بين الأفقين العربي والإغريقي وبضرورة الأخذ بعين الاعتبار الخصائص الحضارية في ترجمة النصوص. فإن كانت التراجيديا والكوميديا غريبتين عن الأدب العربي فإن المُثل والمبادئ السامية التي نجدها فيهما تتجلى في الثقافة العربية الإسلامية من خلال شعري المديح والهجاء. ولم تتوقف المقارنة في القضية الأخلاقية بل تخطتها لتشمل كل مكونات التراجيديا والكوميديا كالمقدمة ومفهوم الميميسيس (mimèsis) والكاترسيس(catharsis) إلخ. وهكذا حُلّت الإشكالية الترجَمية بالمرور من جنسين مسرحيين دراميين إلى غرضين شعريين. فيمكن للشعر بالتالي تعويض المسرح ولعب دوره. فالشعر مرآة المسرح.
5.من القديم إلى الحديث : لا حدود للترجمة
يمكن ترجمة كل شيء حتى ولو تمت إعادة صياغته. فإن إعادة الصياغة أفضل من الامتناع عن الترجمة والهروب من النص لأنه لا يوجد مقابل له في حضارة من الحضارات. حتى وإن كان المسرح غائبا في الحضارة العربية فإن ترجمته ممكنة من خلال اعتماد مرادف له. ومن هنا تتحدى الترجمة الواقع والحضارة لفسخ الحدود والحواجز بين الثقافات وإعطاء معنى لقضايا كان من الممكن أن تبقى طي النسيان لو لم تتم إعادة صياغتها. بين العرب أنه يمكن ترجمة حتى ما هو غير قابل للترجمة. وشاعت حديثا في حلق العلم نظرية ما يسمى بالفرنسية "les intraduisibles" أو بالإنجليزية: Untranslatable كما هو الحال في كتاب الفيلسوفة الفرنسية باربرا كاسان : معجم المصطلحات الفلسفية الغير قابلة للترجمة. (Barbara Cassin, 2019) وكان من الممكن على الأقل التذكير في مقدمة هذا الكتاب بأن الجاحظ يعد من أول المنظرين لهذه المسألة التي تطرق إليها في أعماله من خلال مداري الشعر من جهة:
"ثم قال بعض من ينصر الشعر ويحوطه ويحتج له: إن الترجمان لا يؤدي أبدا ما قاله الحكيم" على خصائص معانيه، وحقائق مذاهبه، ودقائق اختصاراته، وخفيات حدوده، ولا يقدر أن يوفيها حقوقها، ويؤدي الأمانة فيها، ويقوم بما يلزم الوكيل ويجب على الجري، وكيف يقدر على أدائها وتسليم معانيها والإخبار عنها على حقها وصدقها. إلا أن يكون في العلم بمعانيها، واستعمال تصاريف ألفاظها، وتأويلات مخارجها، مثل مؤلف الكتاب وواضعه، فمتى كان رحمه الله تعالى ابن البطريق، وابن ناعمة، وابن قرة، وابن فهريز، وثيفيل، وابن وهيلي، وابن المقفع، مثل أرسطاطاليس؟! ومتى كان خالد مثل أفلاطون؟!( الجاحظ، "كتاب الحيوان" الجزء الأول، ص. 75ـ76.).
والنص الديني من جهة أخرى :
"هذا قولنا في كتب الهندسة، والتنجيم، والحساب، واللحون، فكيف لو كانت هذه الكتب كتب دين وإخبار عن الله عز وجل بما يجوز عليه مما لا يجوز عليه، حتى يريد أن يتكلم على تصحيح المعاني في الطبائع، ويكون ذلك معقودا بالتوحيد، ويتكلم في وجوه الإخبار واحتمالاته للوجوه، ويكون ذلك متضمنا بما يجوز على الله تعالى، مما لا يجوز، وبما لا يجوز على الناس مما لا يجوز، وحتى يعلم مستقر العام والخاص، والمقابلات التي تلقى الأخبار العامية المخرج فيجعلها خاصية؛ وحتى يعرف من الخبر ما يخصه الخبر الذي هو أثر، مما يخصه الخبر الذي هو قرآن، وما يخصه العقل مما تخصه العادة أو الحال الرادة له عن العموم؛ وحتى يعرف ما يكون من الخبر صدقا أو كذبا، وما لا يجوز أن يسمى بصدق ولا كذب؛ وحتى يعرف اسم الصدق والكذب، وعلى كم معنى يشتمل ويجتمع، وعند فقد أي معنى ينقلب ذلك الاسم، وكذلك معرفة المحال من الصحيح، وأي شيء تأويل المحال، وهل يسمى المحال كذبا أم لا يجوز ذلك، وأي القولين أفحش: المحال أم الكذب، وفي أي موضع يكون المحال أفظع، والكذب أشنع؛ وحتى يعرف المثل والبديع، والوحي والكناية، وفصل ما بين الخطل والهدر. والمقصور والمبسوط والاختصار؛ وحتى يعرف أبنية الكلام، وعادات القوم، وأسباب تفاهمهم، والذي ذكرنا قليل من كثير. ومتى لم يعرف ذلك المترجم أخطأ في تأويل كلام الدين. والخطأ في الدين أضر من الخطأ في الرياضة والصناعة، والفلسفة والكيمياء، وفي بعض المعيشية التي يعيش بها بنو آدم."
إن ما أنجزه العرب في القرون الوسطى هو ما نقوم به بشكل مختلف في الترجمات التي نقدمها في عصرنا هذا. فنحن ما فتئنا نبحث عن مرادفات ونظائر لكلمات وعبارات لا نجد لها مقابلا في اللغة العربية. فإذا أردنا ترجمة عبارة "كو دي فودر" (coup de foudre ((يمكننا قول نفس الشيء بالنسبة للغة الإيطالية إذ تستعمل عبارة كولبو دي فولميني(culpo di fulmine) واللغة الإسبانية التي تستعمل كلمة فليشاثو (Flechazo). إنها كلمة تحمل في طياتها العديد من المعاني وترمز إلى سهام الحب التي تنفد إلى قلب العاشق.))) من الفرنسية إلى العربية فإنا سنجد أنفسنا في نفس المعضلة. فعبارة "كودي فودر" يمكن أن نترجمها حرفيا ب "صاعقة رعدية" وسيرتسم في مخيلة القارئ أننا نريد التكلم عن ظواهر مناخية. لكن هذه العبارة ترمز في اللغة الفرنسية إلى الحب من النظرة الأولى الذي يأتي كالبرق الخاطف والذي يفاجئ المرء كالصاعقة. فإن كان وجه الشبه جليا للمتمكن من اللغتين القادر على فهم خباياها فإن القارئ البسيط لا يمكنه أن يصل إلى نفس النتيجة خاصة إذا كانت اللغة الفرنسية غريبة عليه. ومن هنا وجب على المترجم سد هذه الفجوة وإيجاد رديف لتلك العبارة في اللغة العربية. فإن غموض العبارة يتسبب حتما في فساد المعنى وتيه القارئ وتخليه عن النص. إذن إن لهذه العملية الترجمية تداعيات خطيرة يمكن أن تحول بين القارئ أو السامع من جهة وفهم النص الأم إذا لم يأخذ المترجم بعين الاعتبار الفرق اللغوي والمجازي بين اللغتين من جهة أخرى.
خاتمة
إن البحث عن التماهي والتماثل مع المخزون الفكري الإغريقي أو اللاتيني أو الأجنبي بشكل عام لا يؤدي بالضرورة إلى فرضه على الواقع العربي والهوس باستنساخه استنساخا كليا في الشروح والتلاخيص.
وهذا هو مصدر الخلط والالتباس اللذين تمكنا من أطروحات بعض المستشرقين والمفكرين العرب إذ أنهم ركزوا على الفوارق بين النص الأصلي وترجمته للغة العربية دون محاولة فهم الدوافع والأسس التي بنى عليها العرب تراجمهم للنصوص القديمة. فأغفلوا أو تغافلوا حينئذ عن مظاهر إعادة الصياغة وتجاهلوا خصوصية المشروع الترجمي العربي وسخروا هذه الأطروحات ذات الطابع الإسلاموفوبي لضرب الموروث الثقافي الإسلامي ونقده نقدا يغلب عليه التحامل والتعالي ويستعيد جدلية صراع الحضارات. إن الترجمة عملية حركية تتكيف مع المنظومة المعرفية للشعوب وتتفاعل مع واقعها لأن المترجم يعد تواصلا لبيئة لديها خصوصياتها وأبعادها الحضارية والثقافية. وهو الاستنتاج الذي توصل إليه العرب وبنوا عليه نظرتهم للموروث اليوناني ومدارهم الترجمي وأسسوا عليه نهضتهم المعرفية وعصرهم الذهبي.
الحواشي السفلية
فهرس بالعربية
1. سيلفان جوغن هايم، الكتاب المذكور، ص. 20-21.
2. ابن عبد ربه، العقد الفريد، تحقيق أحمد أمين وأحمد الزين وإبراهيم الأبياري، القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1969، الجزء الأول، ص.2.
3. الشعرية العربية: التجربة الجمالية في الأدب العربي الكلاسيكي.
4. ابن قتيبة، أدب الكاتب، تحقيق محمد الدالي، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1981، ص. 7.
5. ابن رشد، تلخيص كتاب الشعر، تحقيق تشارلس بتروث وأحمد عبد المجيد هريدي، القاهرة، الهيئة المصرية العامة، 1986، ص. 53.
6. إدوارد الخراط، فجر المسرح، دراسات في نشأة المسرح، القاهرة، دار البستاني للنشر والتوزيع، 2003 وفاطمة برجكاني، نشأة المسرح في المشرق، بيروت، بيسان للنشر والتوزيع، 2016.
7. ابن سينا، تلخيص كتاب الشعر، ورد ضمن أرسطوطاليس، فن الشعر مع الترجمة العربية القديمة وشروح الفارابي وابن سينا وابن رشد، ترجمة وتحقيق عبد الرحمن بدوي، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1953، ص. 165ـ166. انظر قوله أيضا في الصفحة 169.
8. الجاحظ، "كتاب الحيوان"، تحقيق عبد السلام هارون، بيروت، دار الجيل، 1965، الجزء الأول، ص. 75ـ76.
Bibliographie
1. Paul Valéry, Traduction en vers des ‘‘Bucoliques’’ de Virgile’’, précédé de Variations sur les Bucoliques, Paris, Gallimard, 1957, p. 48.
2. Montesquieu, Pensées, Œuvres complètes de Montesquieu. Tome II. Pensées, Spicilège, Geographica, Voyages, Paris : les Éditions Nagel, 1950, p. 1300.
3. Ph. Büttgen, A. de Libera, M. Rashed et I. Rosier-Catach éds., Les Arabes, les Grecs et nous, Paris, Fayard, 2009, p. 53-77.
4. Coloman Viola, Aristote au Mont Saint-Michel, dans Millénaire monastique du Mont Saint-Michel, II : Vie montoise et rayonnement intellectuel (sous la dir. de R. Foreville), Bibliothèque d’Histoire et d’Archéologie Chrétiennes, P. Lethielleux, Paris, MCMLXVII, p. 289-312.
5. Estetica e poesia araba nell’interpretazione della poetica aristotelica presso Avicenna e Averro, Rivista degli studi orientali, Vol. 12 (1929-1930), p. 291-331.
6. Sylvain Gouguenheim, Aristote au Mont-Saint-Michel. Les racines grecques de l’Europe chrétienne, Éditions du Seuil, Paris, 2008, p. 18.
7. Rémi Brague, Au moyen du Moyen Âge : Philosophies médiévales en chrétienté, judaïsme et islam, Paris, Flammarion, 2006.
8. Mohamed Arkoun, L’Humanisme arabe au IVe/Xe siècle : Miskawayh, philosophe et historien, Paris, Vrin, 1982.
9. Aubert Martin, Blaise Dufal, Louis-Jacques Bataillon, Max Lejbowicz, Alain Gérard, etc.
10. Barbara Cassin, Vocabulaire européen des philosophies : Dictionnaire des intraduisibles, Paris, Le Robert, 2019.
Pour citer cette ressource :
Mohamed Ben Mansour, الترجمة الخلّاقة : تجليات الهوية العربية في الفلسفة الإغريقية, La Clé des Langues [en ligne], Lyon, ENS de LYON/DGESCO (ISSN 2107-7029), mai 2025. Consulté le 17/05/2025. URL: https://cle.ens-lyon.fr/arabe/langue/traduction/atarjama-alkhalaqa-alhouwiya-alarabia-alfalsafa-alighriqia